د خوړو لګیدل د اداب منظومې په شرح کې
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
خپرندوی
مؤسسة قرطبة
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤١٤ هـ / ١٩٩٣م
د خپرونکي ځای
مصر
وَصَلِّ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَآلِهِ ... وَأَصْحَابِهِ مِنْ كُلِّ هَادٍ وَمُهْتَدٍ
(وَصَلِّ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ صَنِيعَ النَّاظِمِ ﵀ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ لِلْمُخَاطَبِ، وَتَكُونَ الْوَاوُ عَاطِفَةً عَلَى جُمْلَةٍ مُقَدَّرَةٍ، أَيْ احْمَدْ رَبَّك ذَا الْإِكْرَامِ وَصَلِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ وَصَلِّ يَا اللَّهُ فَإِنَّ (صَلِّ) فِعْلُ دُعَاءٍ. وَكُنْت رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا هَذَا صُورَتُهُ:
بِحَمْدِك ذِي الْإِكْرَامِ مَا رُمْت أَبْتَدِي ... كَذَاكَ كَمَا تَرْضَى بِغَيْرِ تَحَدُّدِ
أُصَلِّي إلَخْ. فَيَكُونُ الْمَعْنَى كَمَا أَنَّ رَوْمَ ابْتِدَائِي بِحَمْدِك كَذَاك أَيْ مِثْلُهُ كَمَا تَرْضَاهُ بِغَيْرِ تَحَدُّدٍ أُصَلِّي. وَبِغَيْرِ تَحَدُّدِ مُتَعَلِّقٌ بِأُصَلِّي، وَيَكُونُ شَطْرُ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مُتَعَلِّقًا بِالثَّانِي. مَعْنَى صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ ﷺ -
وَالصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ الِاسْتِغْفَارُ، وَمِنْ الْآدَمِيِّينَ التَّضَرُّعُ وَالدُّعَاءُ بِخَيْرٍ. قَالَ الضَّحَّاكُ: صَلَاةُ اللَّهِ رَحْمَتُهُ، وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ الدُّعَاءُ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: أَصْلُ الدُّعَاءِ الرَّحْمَةُ، فَهُوَ مِنْ اللَّهِ رَحْمَةٌ، وَمِنْ الْمَلَائِكَةِ رِقَّةٌ وَاسْتِدْعَاءٌ لِلرَّحْمَةِ مِنْ اللَّهِ. وَقِيلَ صَلَاةُ اللَّهِ مَغْفِرَتُهُ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الضَّحَّاكِ أَيْضًا نَقَلَهُ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ جَلَاءِ الْأَفْهَامِ فِي فَضْلِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ، وَلَمْ يَرْضَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ كَوْنَ الصَّلَاةِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ثَنَاؤُهُ جَلَّ شَأْنُهُ عَلَيْهِ وَإِرَادَتُهُ لِرَفْعِ ذِكْرِهِ وَتَقْرِيبِهِ، وَكَذَلِكَ ثَنَاءُ مَلَائِكَتِهِ عَلَيْهِ ﷺ.
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: صَلَاةُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَلَائِكَتِهِ انْتَهَى. وَأَمَّا صَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ وَالْآدَمِيِّينَ فَهِيَ سُؤَالُهُمْ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ، وَيَكُونُ تَسْمِيَةُ الْعَبْدِ مُصَلِّيًا لِوُجُودِ حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ مِنْهُ فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا الثَّنَاءُ وَإِرَادَةُ الْإِكْرَامِ وَالتَّقْرِيبِ وَإِعْلَاءِ الْمَنْزِلَةِ وَالْإِنْعَامِ، فَهُوَ حَاصِلٌ مِنْ الْعَبْدِ، غَيْرَ أَنَّهُ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ ﷿، وَاَللَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ يُرِيدُ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَفْعَلهُ بِرَسُولِهِ. وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي تَفْسِيرِ الصَّلَاةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، غَيْرَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَيِّمِ فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ - وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
1 / 21