ولم يُفَصل الحديث في السرية منذ لحظة تجهيزها إلى انطلاقها نحو الشام غير الواقدي، وكاتبه ابن سعد، ومَن تبعهما من أصحاب المغازي المتأخرين، قال ابن سعد:
[١٠] "لمّا كان يوم الإثنين، لأربع ليالٍ بقين من صفر سنة إحدى عشرة مِن مهاجر رسول الله ﷺ، أَمَر رسول الله ﷺ الناس بالتهيّؤ لغزو الروم، فلمّا كان من الغد دعا أُسامة بن زيد، فقال: سِر إلى موضع مقتل أبيك ... " إلى أن قال: "فلمّا كان يوم الأربعاء، بُدِئَ برسول الله ﷺ فَحُمَّ، وصدّع، فلمّا أصبح يوم الخميس عقد لأُسامة لواءً بيده ... "، إلى أن ذكر خطبة النّبيّ ﷺ بالناس حينما بلغه طعنهم في إمارته ... "، ثُمَّ قال: "وذلك يوم السبت لعشرٍ خلون من ربيع الأوّل، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أُسامة يُوَدعون رسول الله ﷺ، ويمضون إلى المعسكر بالجرف، وثقل رسول الله ﷺ، فجعل يقول: أنفذوا بَعْثَ أسامة، فلمّا كان يوم الأحد اشتدّ برسول الله ﷺ وجعه، فدخل أُسامة من معسكره والنّبيّ مغمور١، وهو اليوم الذي لدُّوه٢ فيه، فطأطأ أُسامة، وقَبَّلَه ورسول الله ﷺ لا يتكلّم". ثُمَّ قال: "ثُمَّ دخل يوم الاثنين، وأصبح رسول الله ﷺ مُفيقًا صلوات الله عليه وبركاته، فقال له: اغد على بركة الله، فودّعه أُسامة وخرج إلى معسكره،
١ مغمور: أي: كان خاملًا، خائر القوى من شِدَّة المرض ﷺ.
٢ اللّدود: ما يُصَبُّ بالمسعط من الدواء في أحد شقي الفم. (القاموس: اللد) .