المطلب الثاني: وصف حي لقتال القادة الثلاثة واستشهادهم:
وبدأ هجوم المسلمين باندفاع قائدهم زيد بن حارثة - رضي الله تعالى عنه - بلواء رسول الله ﷺ نحو صفوف العدو "فحارب مستقتلًا مستميتًا حتَّى مزَّقته رماح العدو"١ وذلك وفق وصف رواية عروة:
[٥٠] "حتى شاط في رماح القوم"٢.
إنَّ ذلك الوصف يدل على قوة اندفاع زيد - رضي الله تعالى عنه - واستماتته في القتال، مع عدم اكتراثه بقوة العدو، وكثافته العَدَدِيَّة والعُدَدِيَّة، وهو أمر يدل على فرط شجاعته وجرأته واستهانته بالموت ما دام في سبيل الله ﷿.
وكلمة (شاط) ٣ تعطي عمقًا بعيدًا عن مدى شراسة الحملات التي قام بها ذلك البطل المغوار في العمق داخل صفوف العدو، وما تمزيق جسده الطَّاهر برماحهم إلاَّ نتيجة حتمية لتلك الجرأة العظيمة التي كان يتمتع بها، ويحمل بها على العدو، معطيًا من نفسه القدوة الصالحة لجنده، وما ذلك إلاَّ لعلو نفسه، وقوة رباطة جأشه.
١ خطَّاب: الرسول القائد ﷺ ٣٠٧.
٢ سبق تخريجها برقم [٣١] .
٣ أصل الإشاطة: الإحراق، أي كأنه احترق برماح الأعداء من شدَّة تمزيقها له، وكأنَّهم حنقوا عليه نتيجة الحملات الشرسة والقوية التي كان يحمل بها عليهم في العُمْق.