"إنَّ تشجيع عبد الله بن رواحة المسلمين على قتال الروم وحلفائهم، واستجابة المسلمين لهذا التشجيع، له دلالة لا يُمكن أن يختلف فيها اثنان، هي أنه كان يثق ثقةً عالية برجاله، وأنَّ رجاله كانوا يثقون به ثقةً مُطْلَقة، والثقة المتبادلة بين القائد ورجاله من أهمِّ مزايا القائد المتميِّز، ولا يمكن أن يثق الرجال بقائدهم ثقةً مُطلَقة عفوًا وبدون أسباب، كما أنَّ النَّبيَّ ﷺ كان لا يولي المراكز القيادية إلاَّ لأشخاص لهم مؤهلات عالية، ومزايا واضحة المعالم، فقد كان ﵊ يحرِصُ أعظم الحِرْص على تولِّي الرجل المناسب للعمل المناسب، تطبيقًا لتعاليم الإسلام في الولاية، وثقة النَّبيّ ﷺ بعبد الله بن رواحة، وثقة رجال عبد الله بن رواحة به، أسبابها وحوافزها واحدة، وهي تَمَتُّع عبد الله بن رواحة بالإضافة إلى عمق إيمانه، بمزايا قيادية أهَّلته لأن يكون أحد قادة النَّبيّ ﷺ ١".
ويعتقد بعض المحلِّلين والمنَظِّرين العسكريين، وغيرهم من المؤرِّخين المعاصرين، أنَّ تشجيع عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه - للمسلمين، واندفاعه بهم نحو العدوّ، رغم تفوقهم العددي، وقُرْب قواعدهم، كان مغامرة خطرة، ومجازفة مهلكة، وخطأً عسكريًا فادحًا، وذلك بموجب المقاييس المادية٢".
١ خطَّاب: القادة الشهداء ١٨٢-١٨٣.
٢ انظر: خطَّاب: القادة الشهداء ١٨١، الغزالي: فقه السيرة ٣٦٦، باشميل: غزوة مؤتة ٢٨٤-٢٨٥.