195

Ghazwah of Mu'tah and the Northern Saraya and Prophetic Missions

غزوة مؤتة والسرايا والبعوث النبوية الشمالية

خپرندوی

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

المحدِّثين١ جزموا بأنَّها غزوة. ربَّما لأنَّ الجيش الذي شارك فيها أكبر بكثير من العدد المتعارف عليه في مصطلح السرية٢، أو لأنَّ بعض شهود العيان من الصحابة الذين شاركوا فيها سموها بذلك٣. وورد في بعض الروايات تسميتها بالسرية٤،وجزم بذلك الحلبي٥. قلت: وتسميتها بالوقعة، أو جيش الأُمراء، يُعدّ خروجًا من النِّزاع، وحلًاّ وسطًا، إذ أنَّ تسميتها بالغزوة مخالف لاصطلاح أهل السير والمغازي، واللغة في ذلك، لأنَّه لم يحضرها النَّبِيُّ ﷺ،كذلك تسميتها بالسرية لا يتَّفِق مع اصطلاحهم في العدد المتعارف عليه فيها٦. والله تعالى أعلم.

١انظر (ابن أبي شيبة: المصنَّف١٤/٥١٢،البخاري: الصحيح٥/٨٦،الهيثمي: مجمع٦/١٥٦) . ٢ انظر (ابن الأثير: النهاية ٢/٢٦٣، بريك أبو مايلة: السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة ٤٤) . ٣ وقع ذلك في حديث عوف بن مالك الأشجعي عند مسلم (الصحيح ٤/٢٤)، وعند أبي داود (السنن ٣/١٦٣)، وفي حديث أُمِّ سلمة رضي الله تعالى عنها عند الحاكم (المستدرك ٣/٤٥) . ٤ انظر: ابن سعد: طبقات ٢/١٢٨، البلاذري: أنساب ١/٣٨٠. ٥ قال الحلبي (سيرة ٢/٧٩٣): والحق أنَّها ليست من الغزوات، بل من السرايا، لأنه ﷺ لم يكن فيها. ٦ انظر: ابن الأثير: النهاية ٢/٣٦٣، الثعالبي: فقه اللغة ٢١٩ - ٢٢٠، يحي بن علي الخطيب: كنز الحُفَّاظ في كتاب تهذيب الألفاظ لابن السكيت ٥٠، ابن حجر: فتح ٨/٥٦، اللسان والقاموس، مادَّة (سرا) .

ذلك الاستعداد الجيد، فإنَّ الخبر بمسير رسول الله ﷺ بالمسلمين من المدينة سريعًا لإمداد إخوانهم في مؤتة، ربَّما يكون قد وصل إلى مسامع الروم وحلفائهم أسرع مِمَّا كان متصوَّرًا في ذلك الوقت: [٧٩] نظرًا للتأييد الإلهي للنَّبِيِّ ﷺ بتلك المعجزة النبوية التي خصَّه الله بها دون غيره من الأنبياء، وهي النَّصر بالرُّعب مسيرة شهر١. والمسافة بين المدينة وبيت المقدس كانت تساوي مسيرة شهر في ذلك الوقت، فإذا علمنا أنَّ مؤتة كانت أقرب للمدينة من بيت المقدس، فإنه لا بُدَّ أن يكون الرعب قد دخل قلوب الروم وحلفائهم منذ اللحظة التي تحرَّك فيها النَّبيّ ﷺ مع المسلمين من المدينة، فآثروا السلامة، مكتفين بما حقَّقوه في بداية المعركة، وتجنَّبوا المغامرة الخطرة في تعقُّب المسلمين، خوفًا من الاصطدام بالمدد النَّبَويِّ المتحرِّك سريعًا من المدينة صَوْب منطقة العمليات في مؤتة. ولم توضِّح الرواية، ما حدث بعد ذلك، وإن كان ابن أبي شيبة، قد زاد في روايته للخبر أحداثًا تفرَّد بها حول سير النَّبِيِّ ﷺ بالمسلمين، ولكنَّها قد تكون مدرجة من حديثٍ آخر٢.

١ أخرج البخاري في الصحيح (فتح الباري ١/٤٣٦) عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عمهما قال: "إنَّ النَّبيّ ﷺ قال: "أُعطيت خمسًا لم يُعطَهُنَّ أحدٌ قبلي: نُصِرتُ بالرُّعب مسيرة شهر، وجُعِلَت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيُّما رجلٍ مِن أُمَّتي أدركته الصَّلاة فليُصَلِّ، وأُحِلَّت لي الغنائم ولم تُحَلّ لأحدٍ قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلى قومه خاصّة، وبُعِثْتُ إلى الناس عامة". ٢ انظر: (المصنَّف ١٤/٥١٢ - ٥١٦) .

1 / 236