المطلب الخامس: الدروس المستفادة:
لقد كشفت هذه السرية عمَّا تخبئه الوثنية مِن غِلٍّ وحقدٍ دفينٍ على الإسلام وأهله، غِلّ عصف بكُلِّ المبادئ، وحقد ألغى القِيَم الإنسانية.
فهؤلاء قوم هداة جاءوا لنشر الخير والسلام بين مَن قتلوهم، فكان جزاؤهم الغدر بهم، وقتلهم جميعًا بلا هوادة ولا رحمة.
وقد يقول القائل: "إذا كان الأمر كذلك، فلِمَ لمَ يتوقَّف النَّبِيُّ ﷺ عن دعوة الأعراب إلى الإسلام، طالما أنَّهم لا يحترمون القيم والمبادئ، ولا يمكن الوثوق بهم؟ ".
قلنا: "الدعوة إلى الله لا يمكن أن تقف في أرضٍ ما، أو تتعثر بسبب
ما يعترض طريقها من بعض الحوادث التي تعيق تقدمها".
وهناك حقيقة يجب ألاّ تغيب عن أذهاننا، وهي أنَّ طريق الدعوة
إلى الله تعالى منذ بدأت حتى يرث الله الأرض ومَن عليها، لم يكن في يومٍ من الأيام مفروشًا بالورود، فكان لابدَّ من تقديم التضحيات في طريقها الطويل الشاق".
وقد وضَّح النَّبِيُّ ﷺ هذه الحقيقة للصحابة - رضي الله تعالى عنهم - حاثًّا إياهم على الصبر والتحمُّل، وتقديم التضحيات، وذلك منذ فترة مبكرة جدًا، وبالتحديد في مكة حينما أثقلت قريش من وطئتها على المسلمين المستضعفين في مكة، فجاءوا يستنجدون بالنَّبِيِّ ﷺ".