اعتراضٌ وجيهٌ يمكن أن نُسَلِّم به، لولا القرينة التي ذكرناها سابقًا، وهي عدم التسليم بفرضية بعث النَّبِيِّ ﷺ سرية قتالية إلى ذلك العمق من أراضي العدو بهذه القوَّة الضئيلة جدًا، لأنَّ ذلك يعد مغامرة عسكرية غير محسوبة، وهو الأمر الذي لم نعهده من الرسول ﷺ وهو القائد العسكري المُحَنَّك الذي كانت خطواته العسكرية ضد أعدائه على اختلاف نوعياتهم محسوبةً بدقةٍ، ومنَظَّمَةٌ ومُخَطَّطٌ لها تخطيطًا مسبقًا ﷺ".
إذًا كانت البعثة دعوية بحتة، ولكن الأعراب الذين كانت تمتلئ قلوبهم غِلًاّ وحِقْدًا ضد المسلمين، لم يكونوا ليدعوا هذه الفرصة بالبطش والفتك بالمسلمين تفلت من أيديهم، فاستفزُّوهم وألجأوهم للقتال، دفاعًا عن أنفسهم، ليكون في ذلك ذريعةً للفتك بهم وهم قِلَّة، وحَدَثَ ما حَدَثَ، والله تعالى أعلم".
يقول أحمد عادل كمال: "ولم يكن بَعْث كعب وأصحابه للغزو، وإنَّما كان للدعوة، وقُوبِلَ الدُّعاة بالسيف والنبل حتى اسْتُشْهِدُوا١".