ذلك هو الدستور الخلقي للغزالي، وهو دستور تشتمل عليه طائفة كبيرة من كتبه، وينثره كالعطر بين أسطره وفصوله، في مختلف كتبه وفنونه.
وهو دستور وإن لم يخضع للقواعد النفسية والنظريات العلمية الحديثة - بل خضع خضوعا تاما للفكرة الدينية والآداب الإسلامية - فقد حقق كثيرا من أهدافه ومراميه، واستطاع أن يكون إماما مرشدا للملايين، أحقابا وقرونا.
هو دستور أوجد في الشرق مدرسة تأدبت بآدابه، وتتلمذت على فضائله، بل قد هيمن هذا الدستور على أهداف الوعظ الإسلامي هيمنة كاملة ملموسة الأثر إلى يومنا.
الغزالي وصلات الرجل بالمرأة
حديث الغزالي عن المرأة مطبوع دائما بطابع الخلق الكريم؛ فهو يقيم صلات الرجل بالمرأة على آداب عليا وتقاليد مهذبة، لا تجنح إلى الشدة ولا تدفع إلى الاستهتار.
فهو يقرر أن سيادة البيت للرجل، وبدون تلك السيادة لا تستقيم الحياة ولا توجد السعادة، فمن أطاع المرأة وملكها نفسه فقد عكس القضية؛ إذ حق الرجل أن يكون متبوعا لا تابعا، وقد سمى الله تعالى الرجال «قوامين على النساء»، وسمى الزوج «سيدا» فقال تعالى:
وألفيا سيدها لدى الباب
فإذا انقلب السيد مسخرا فقد بدل نعمة الله كفرا، ولكنه يفرض للمرأة حقوقا مقدسة، ويفرض على الرجل واجبات يؤديها للمرأة، ويلزم بها إلزاما هي كفاء سيادته.
ولعل المرأة لم تطمع يوما من الأيام، مهما نادت بالمساواة وتطرفت في تلك المساواة، في كلمة أروع من تلك الكلمة التي جعلها الغزالي محور صلات الرجل بالمرأة، وهي قوله: «ليس حسن الخلق مع المرأة كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها.»
ذلك دستور الغزالي الخلقي في صلات الرجل بالمرأة، فليس حسن الخلق كف أذى الرجل عن المرأة، بل احتمال الأذى منها عند غضبها وطيشها.
ناپیژندل شوی مخ