قلت: مع أنه لم ينشئه من عند نفسه، بل نقله عن غيره، فقال: إنه مما أحدثه المتأخرون.
ص: وإن ورد سببًا وشرطًا ومانعًا وصحيحًا وفاسدًا فوضع.
ش: إذا لم يكن في الخطاب اقتضاء بل ورد سببًا أو شرطًا أو مانعًا أو صحيحًا، أو فاسدًا فليس خطاب تكليف، وإنما هو خطاب وضع، أي وضعه الله تعالى في شرائعه، لإضافة الحكم إليه، تعرف به الأحكام تيسيرًا لنا، فإن الأحكام مغيبة عنا، والفرق بينه وبين خطاب التكليف من حيث الحقيقة: أن الحكم في الوضع هو قضاء الشرع على الوصف بكونه سببًا أو شرطًا أو مانعًا، وخطاب التكليف لطلب أداء ما تقرر بالأسباب والشروط والموانع، وكان ينبغي للمصنف أن يقول: فإن ورد سببيًا أو شرطيًا أو مانعيًا، لأن السبب ليس نفس الحكم، بل جعل الشارح إياه.
وأجيب عنه بأن انتصابها بمصدر محذوف، أي: بجعل الوصف سببا ... إلى آخره، ولا تردد في أن الثلاثة الأول من خطاب الوضع، وأما الصحة والفساد فهو الصحيح فيهما، لأنه حكم من الشارع بذلك، وقال ابن الحاجب: هما عقليان.
تنبيهان:
أحدهما: ظاهر عبارة المصنف أنه أفرد خطاب الوضع عن خطاب التكليف، وجعله قسيمًا له، وكذلك فعل ابن الحاجب في قوله في تعريف الحكم بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع، واختار الإمام: (٤/ب/ د) فخر الدين إدخاله في خطاب التكليف، لأن معنى كون الشيء شرطًا حرمة المشروط بدون شرطه، وادعى بعضهم اقتضاء عبارة المصنف ذلك، وهو بعيد.
ثانيهما: مقتضى عبارة المصنف أن في الإباحة اقتضاء، لأن تقدير كلامه: إن اقتضى الخطاب التخيير، والمعروف أنه/ (٥/ب/م) لا اقتضاء فيه، فإن الاقتضاء
1 / 39