المصنف آخرًا، وطرد المصنف مع تكليفه في القتل، فالإكراه عليه يخرج المكره عن التكليف، ثم استشعر سؤالا، وهو أنه آثم بلا خلاف، ويجب عليه القصاص في الأصح، فكيف لا يكون مكلفًا؟ وأشار إلى الجواب عنه بأنه لم يأثم من جهة الإكراه بل من جهة أنه آثر نفسه على غيره، فإن معنى قول المكره: اقتل زيدًا، وإلا قتلتك - التخيير بين نفسه ونفس زيد، فإذا قتل زيدًا فقد آثر نفسه فأثم لاختياره، فهذا الفعل ذو جهتين: جهة الإكراه، ولا إثم فيها، وجهة الإيثار، ولا إكراه فيها.
وقال الشارح: ما اختاره في القاتل هو بظاهره مضاد للإجماع، ففي (التلخيص) لإمام الحرمين: (أجمع العلماء قاطبة على توجه النهي على المكره على القتل، وهذا عين التكليف في مثال الإكراه، وهو مما لا منجاة منه.
وقال الشيخ في (شرح اللمع): (انعقد الإجماع على أن المكره على القتل مأمور باختيار القتل، ودفع المكره عن نفسه، وأنه آثم بقتل من أكره على قتله، وذلك يدل على أنه مكلف حال الإكراه، وبه صرح الغزالي، وغيره انتهى.
ص: ويتعلق الأمر بالمعدوم تعلقًا معنويًا، خلافًا للمعتزلة.
ش: مذهب الأشاعرة: أن الأمر وكذا النهي يتعلق بالمعدوم تعلقًا معنويًا لا تنجيزيًا فأمر الله ونهيه يتعلقان في الأزل بالمكلف لا على معنى تنجيز التعلق في حال عدمه، بل على معنى أنه إذا وجد بصفة التكليف صار مكلفًا بذلك الطلب القديم من غير تجدد طلب آخر، وهذا مبني على إثبات الكلام النفسي، فلذلك خالف فيه المعتزلة لإنكارهم الكلام النفسي، وقال الشيخ/ (٤/أ/د) المقترح جد ابن دقيق العيد، لأمه: الأمر لم يتعلق بالمعدوم، بل
1 / 37