فقلت: أوصني: فقال: يا بني لا تدع في كل أحوالك الاستغفار، فإنه نعم العدة للمؤمنين ذلك.
فلما كان كذلك أحببت أن أجمع جزءا فيها يغفر الله به الخطايا، ويكفر به السيئات ويجزل به العطايا ويوجب به الحسنات، فجمعت هذا الجزء الضنين، اقتداء بأئمة الدين الذين جمعوا في هذا الباب ما لا يحصى، وألفوا فيه ما لا يستقصي، وإن كنت لست مثلهم، ولم أبلغ شأوهم إلا أني أحببت أن أثبت لي بينهم قدما، وأجري لي معهم قلما، فمن تشبه بقوم فهو منهم، ومن أحب قوما حشر معهم، فبادرت إلى جمع هذا الكتاب مستمدا التوفيق من رب الأرباب، وجعلته في ثلاثة أبواب، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه متاب، وسميته كتاب (غاية المطلوب وأعظم المنة فيما يغفر الله به الذنوب، ويوجب الجنة)، فهو اسم مطابق لمعناه، وسهم موافق لمرماه.
وبدأت أولا بذكر التوبة وماهيتها، وسرد أقوال المشايخ فيها، ثم ثنيت بذكر الأحاديث الواردة عن حبيب القلوب فيما يغفر الله به الذنوب، وذكر أشياء من السنة مما يوجب الله لفاعلها الجنة، ثم عطفت على ذلك بذكر ما يرجى من سعة رحمة الله، وشفاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر أخبار وحكايات وأشعار مما يناسب مقصودنا، ويطابق مطلوبنا، والمرجو من كرم الله تعالى أن ينفع به الطالبين، ويصرف إليه صادق الهمة من الراغبين، وأن يضاعف لمن عمل بما فيه الثواب، إنه هو الكريم الوهاب. وهذه هي فهرسة أبوابه:
مخ ۳۲