أَيْضا وَإِن كَانَ الْقسم الثَّالِث فَكيف يَصح القَوْل بِأَن كل مَا وَقع بِهِ الِافْتِرَاق بَين ذاتين فَهُوَ زَائِد عَلَيْهَا خَارج عَنْهَا وَالْعقل الصَّحِيح يقْضى بَان الِافْتِرَاق بَين بعض الذوات قد يكون بِأُمُور لَا يتم تعقل تِلْكَ الذوات إِلَّا بعد تعقلها أَولا وَذَلِكَ كَمَا وَقع بِهِ الِافْتِرَاق بَين الْإِنْسَان وَالْفرس والجوهر وَالْعرض وَغير ذَلِك من الانواع والأجناس الْمُخْتَلفَة وَإِذ ذَاك فَلَا يكون مَا وَقع بِهِ الِافْتِرَاق خَارِجا وَلَا حَالا زَائِدا كَيفَ وَأَنه إِمَّا أَن تكون تِلْكَ الذوات متمايزة دونه أَو غير متمايزة فَإِن كَانَت متمايزة فَمن ضَرُورَة تمايزها وُقُوع مَا بِهِ التميز فَإِن كَانَ ذَلِك أَيْضا حَالا زَائِدا على الذَّات فَالْكَلَام فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الأول وَذَلِكَ يفضى إِلَى مَا لَا يتناهى وَهُوَ محَال وَإِن لم تكن متمايزة دونه فهى لَا محَالة متماثلة ومشتركة وَمَا بِهِ التَّمَاثُل والاشتراك على مَا عرف من اصل الْقَائِل بالأحوال حَال زَائِد على المتماثلات فَعِنْدَ هَذَا إِمَّا أَن يكون التَّمَاثُل فِيمَا هُوَ زَائِد على الذوات أَو فِي نفس الذوات فَإِن كَانَ فِي زَائِد على نفس الذوات فَلَا بُد أَن تكون لَا محَالة متمايزة وَالْكَلَام الاول بِعَيْنِه لَازم إِلَى غير النِّهَايَة وَإِن كَانَ لَيْسَ فِي زَائِد على نفس الذوات لزم أَن لَا يكون مَا بِهِ التَّمَاثُل حَالا أَو أَن تكون الذوات بأسرها أحوالا وَهُوَ خُرُوج عَن الْمَعْقُول وَإِبْطَال لتحقيق الْأَحْوَال أَيْضا إِذْ الْأَحْوَال من الصِّفَات الَّتِي لَا قوام لَهَا بأنفسها دون ذَوَات تُضَاف إِلَيْهَا على مَا عرف من مَذْهَب الْقَائِل بالأحوال
ثمَّ إِنَّه لَو كَانَ مَا بِهِ يَقع الِاتِّفَاق والافتراق بَين الذوات حَالا فَلَا محَالة أَن بَين الاحوال اتِّفَاقًا وافتراقا إِذْ لَيْسَ كلهَا حَالا وَاحِدَة وَعند ذَلِك فَمَا يلْزم فِي الذوات من الِاتِّفَاق والافتراق بِعَيْنِه لَازم فِي الاحوال وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى إِثْبَات الْحَال للْحَال وَذَلِكَ عِنْدهم محَال
1 / 34