منه غاية تنقيصه وذمه، ولهذا قال: لولا أن تكون مسبةً على بني عبد المطلب لأقررت بها عينك، أو كما قال١. وهذا شعره يصرح فيه بأنه قد علم وتحقق نبوة محمد ﷺ وصدقه، كقوله:
ولقد علمت بأن دين محمد ... من خير أديان البرية دينًا
لولا الملامة أو حذار مسبّة ... لوجدتني سمحًا بذاك مبينًا
وفي قصيدته اللامية٢:
فوالله لولا أن تكون مسبة ... تجر على أشياخنا في المحافل
لكنا اتبعناه على كل حالة ... من الدهر جَدًّا غير قول التهازل
لقد علموا أن ابننا لا مكذّبٌ ... لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
والمسبة التي زعم أنها تُجَرُّ على أشياخه؛ شهادته عليهم بالكفر والضلال، وتسفيه الأحلام، وتضليل العقول، وهذا هو الذي منعه من الإسلام بعد تيقّنه.
السبب التاسع: متابعة من يعاديه من الناس للرسول، وسبقه إلى الدخول في دينه، وتخصصه وقربه منه، وهذا القدر منع كثيرًا من اتّباع الهدى، يكون للرجل عدوّ ويبغض مكانه، ولا يحب أرضًا يمشي عليها، ويقصد مخالفته ومناقضته فيراه قد اتبع الحق فيحمله قصد مناقضته ومعاداته على معاداة الحق وأهله، وإن كان لا عداوة بينه وبينهم. وهذا كما جرى لليهود مع الأنصار، فإنهم كانوا أعداءهم وكانوا يتوعّدونهم بخروج النبي ﷺ، وأنهم يتبعونه ويقاتلونهم معه فلما بدرهم إليه الأنصار وأسلموا حملهم معاداتهم على البقاء على كفرهم ويهوديتهم.
السبب العاشر: مانع الإلف والعادة والمنشأ؛ فإن العادة قد تقوى حتى تغلب حكم الطبيعة، كما يتربى لحمه وعظمه على الغذاء المعتاد، ولا يعقل نفسه إلا