وليعلم أن العلماء رحمة الله علينا وعليهم جعلوا من المرفوع قول الصحابي: (كنا نفعل كذا) مما لا مجال للرأي فيه (١)، على القول بإطلاق الرفع، من غير تفريق فيه بين ما أضيف إلى زمن النبي ﷺ وما لم يضف، قال النووي رحمة الله علينا وعليه: وهو قوي من حيث المعنى (٢) واعتمده الإمامان: البخاري ومسلم في صحيحيهما، كما ذكر ذلك ابن حجر وقال: وأكثر منه البخاري (٣)، وكذا إذا قال: (من السنة كذا (٤)، أو أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا) فقد حكي الإجماع على أنه حديث مسند (٥).
من أمثلة ذلك:
١ - قول ابن مسعود ﵁: (من أتى ساحر ا ...) وقول أبي هريرة ﵁ لمن خرج من المسجد بعد الأذان: (أما هذا فقد عصى أبا القاسم ﷺ) (٦).
_________
(١) معناه: لا يمكن أن يكون من اجتهاد الصحابي، ولا رأيا رآه، ومن ذلك:
ما تعلق بسبب نزول الآيات. مثاله: سبب نزول الآية (٢٢٣) من سورة البقرة (نساؤكم حرث لكم) قال جابر ﵁: كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول. انظر (مقدمة علوم الحديث ٤٥ - ٤٦)
الإخبار عن الأمور الغيبية. مثاله الإخبار عن أشراط الساعة، وأحوال يوم القيامة، أو إخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق وقصص الأنبياء، أو عن الأمور الآتية كالملاحم والفتن، وصفة الجنة والنار ونحو ذلك. انظر (النكت ٢/ ٥٣١).
(٢) انظر المجموع شرح المهذب ١/ ٦٠.
(٣) النكت ٢/ ٥١٥.
(٤) فإنه لا يراد بها عند الإطلاق سوى سنة رسول الله ﷺ. انظر (نزهة النظر ٦٢).
(٥) انظر (المستدرك ١/ ٣٥٨، والنكت ٢/ ٥٢٢ - ٥٢٣.
(٦) أخرجه الإمام مسلم في (١/ ٤٥٤) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب (٤٥) حديث (٢٥٨ - ٦٥٥).
1 / 52