قال: قلت: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: قلت: ثم من؟ قال: أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب" (١) ومعلوم أن الإمام أحمد، ويحي بن سعيد القطان إمامان جليلان، وبهز من أهل الصدق الصيانة، وثقه الأئمة ابن المديني، وابن معين، والنسائي وغيرهم، لكن استشكل العلماء بعض مروياته، وتكلم فيه شعبة بن الحجاج بسبب ذلك، ولم يسلبه صفة الضبط، لكنه أشعر بأنه خف ضبطه، وحكيم والد بهز قال النسائي: لا بأس به، ووثقه غيره، فيكون حديث بهز هذا حسنا لذاته كما حكم العلماء، بل هو من أعلى مراتب الحسن (٢).
وليعلم أن ثمة تشابها كبيرا بين الحسن والصحيح، حتى إن طائفة من أهل الحديث جعلوا الحسن مندرجا في الصحيح، ولم يجعلوه نوعا منفردا، وهو الظاهر من كلام أبي عبد الله الحاكم في تصرفاته إذ قسم الحديث إلى صحيح وسقيم (٣)، لأن الحديث الذي يحتج به إما أن يكون في أعلى درجات القبول، وهو الصحيح، أو في أدناها وهو الحسن (٤).
وليعلم أن مراتب الحسن متفاوتة، كما تفاوتت مراتب الصحيح، وذلك بحسب قرب راوي الحسن لذاته من الصحيح في ضبطه.
_________
(١) أخرجه الإمام أحمد في (المسند ٥١/ ٥).
(٢) بتصرف من (منهج النقد لعلوم الحديث ٢٦٥) وانظر (المغني رقم ١٠٠٧، والتهذيب ١/ ٤٩٨ - ٤٩٩).
(٣) انظر (معرفة علوم الحديث ٥٨).
(٤) بتصرف قليل من (منهج النقد ... ص ٢٦٥، وانظر معرفة علوم الحديث ٥٨ - ٦٢).
1 / 42