وتحادث الاثنان في الحفلة، ولما غادرها الأمير عند انبلاج الصبح كان قد بدأ ينسج الخيوط الأولى من حلمه الجميل الذي احتفظ به مدة طويلة لنفسه فقط.
ولم يحتفظ الدوق لنفسه بحلمه الجميل؛ لأن الفتاة التي أعجب بها لا تليق به؛ فقد كانت من أسرة من أقدم الأسرات الاسكتلندية، وكان أجدادها قد خدموا ملوك اسكتلندا منذ القرن الرابع عشر، وكان في إمكانهم المفاخرة بأن الدم الملكي يجري في عروقهم. وقد حدث في وقت من الأوقات أن حارب أعضاء أسرة بوزليون ضد ملوك إنجلترا حربا لا هوادة فيها؛ ولذلك لم يكن هناك ما يلام على الأمير هنري لو اعترف بحبه للفتاة ابنة الكونت ستراثمور وكينجهورن، ولكن الأمير كان شديد الخوف من والده الملك.
في القصر المسحور
بعد ذلك بمدة قصيرة، ذهب الأمير الصغير إلى قصر غلاميس في استكلندا، وكان ذلك القصر ملكا لوالدي اليصابات، وهو من أقدم القصور الإنجليزية. وقصر غلاميس هو غلاميس مكبث، هو غلاميس الأساطير، هو القصر الذي امتزج اسمه بقصص الأشباح ورواياتها!
ولم يخف الأمير شيئا وهو يزور القصر العتيق، ولم يظهر من الأشباح ما يمكن أن يرعب الضيف الملكي لمرآه، ترى هل كانت صورة الفتاة الصغيرة الضاحكة المضيئة الوجه هي التي طردت الأشباح من القصر القديم؟
وكان الأمير يقوم بنزهات بعيدة في وديان الريف مع اللادي اليصابات بوزليون، عرف سموه في أثنائها أن الفتاة الجميلة موضع إعجابه لم تولد في ذلك القصر المسحور، ولكنها ولدت على مقربة من لندن. وكان من الغريب أن يكتشف كل واحد منهما في الآخر مواضع شبه بالآخر في كثير من النواحي، وقالت له في ذات يوم: لقد علموني اللغة الفرنسية منذ نعومة أظفاري؛ وذلك بإجباري على استعمالها وحدها في يوم من أيام الأسبوع.
وأجابها هو: أما أنا، فإن جدي الملك إدوارد السابع هو الذي أجبرني على تعلمها؛ إذ كنت عندما أقبل عليه لأحادثه باللغة الإنجليزية يقول لي: «تكلم الفرنسية يا بني! تكلم الفرنسية!»
وفي يوم آخر، دخل الأمير متخفيا في أحد المنازل الصغيرة، فأخذت العجوز ربة المنزل وهي جالسة على مقربة من النار تقص عليه قائلة: إن آنستنا هي ملاك الرحمة؛ فمنذ مرضت سيدتي الكونتيسة واليصابات تستقبل جميع الزائرين والوافدين على القصر؛ من رجال لندن ونبلائهم إلى أصغر العمال والفلاحين شأنا.
وقد حدث مرة أن شبت النار في غلاميس، فما كان من اليصابات إلا أن نظمت فرقة للإطفاء في الحال؛ لعلمها أن رجال المطافئ لا يصلون بسرعة لبعد المكان، وتمكنت بهمتها ومجهودها من إنقاذ القصر وكنوزه وضيوفه.
نبوءة
ناپیژندل شوی مخ