غرائب القرآن او رغائب الفرقان
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
التغيير. وأصح الأقوال أن السجود كان بمعنى وضع الجبهة ولكن لا عبادة بل تكرمة وتحية كالسلام منهم عليه ، وقد كانت الأمم السالفة تفعل ذلك بدل التسليم. قال قتادة في قوله ( وخروا له سجدا ) [يوسف : 100] كان تحية الناس يومئذ سجود بعضهم لبعض ، ويجوز أن تختلف الرسوم والعادات باختلاف الأزمنة والأوقات. واختلف في أن إبليس من الملائكة أم لا. فقال أكثر المتكلمين لا سيما المعتزلة : إنه لم يكن منهم. وقال كثير من الفقهاء : إنه كان منهم حجة الأولين أنه من الجن لقوله تعالى في الكهف ( إلا إبليس كان من الجن ) [الآية : 50] فلا يكون من الملائكة. وأيضا قال ( ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن ) [سبأ : 40] ورد الأول بأن الجن قد يطلق على الملك لاستتاره عن العيون ، وبأن كان يحتمل أن تكون بمعنى صار. والثاني بأنه لا يلزم من كون الجن في هذه الآية نوعا مغايرا للملائكة أن يكون في الآية الأولى أيضا مغايرا ، لاحتمال كونه على مقتضى أصل اللغة وهو الاستتار. وقالوا : إن إبليس له ذرية لقوله تعالى ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) [الكهف : 50] والملائكة لا ذرية لها لأنها تحصل من الذكر والأنثى ولا إناث فيهم لقوله ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ) [الزخرف : 19] منكرا عليهم وأيضا الملائكة معصومون لما سلف ، وإبليس لم يكن كذلك. وأيضا إنه من النار ( خلقتني من نار ) [ص : 76] وأنهم من نور لقوله صلى الله عليه وسلم «خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من مارج من نار» (1) رواه الزهري عن عروة عن عائشة. ومن المشهور الذي لا يدفع أن الملائكة روحانيون ، فقيل سموا بذلك لأنهم من الريح أو من الروح. وأيضا الملائكة رسل ( جاعل الملائكة رسلا ) [فاطر : 1] ورسل الله معصومون ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [الأنعام : 124] حجة الآخرين أنه استثناه من الملائكة ، وحمله على المتصل أولى ، لأن تخصيص العمومات في كتاب الله أكثر من الاستثناء المنقطع. قيل : إنه جني واحد مغمور بين ظهراني ألوف من الملائكة فغلبوا عليه ، وهذا لا ينافي كون الاستثناء متصلا. وأجيب بأن التغليب إنما يصار إليه إذا كان المغلوب ساقطا عن درجة الاعتبار ، أما إذا كان معظم الحديث فيه فلا يصار إلى التغليب. وأيضا لو لم يكن من الملائكة لم يتناوله الخطاب ب ( اسجدوا ) وحينئذ لم يستحق بترك السجود لوما وتعنيفا ، ولا يمكن أن يقال إنه نشأ معهم والتصق بهم فتناوله الأمر لما بين في أصول الفقه أن خطاب الذكور لا يتناول الإناث وبالعكس مع شدة المخالطة بين الصنفين ،
مخ ۲۴۱