غرائب القرآن او رغائب الفرقان
غرائب القرآن و رغائب الفرقان
كريمة وكرائم. وجاء خلفاء لأنهم جمعوه على إسقاط الهاء مثل : ظريف وظرفاء. والمراد به آدم صلى الله عليه وسلم إما لأنه صار خليفة لأولئك الجن الذين تقدموه ، ويروى ذلك عن ابن عباس ، وإما لأنه يخلف الله في الحكم بين خلقه كقوله ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) [ص : 26] وهو المروي عن ابن مسعود والسدي. وعن الحسن ، أن المراد بالخليفة أبناء آدم لأنه يخلف بعضهم بعضا ويؤيده قوله ( هو الذي جعلكم خلائف الأرض ) [فاطر : 39] وإنما وحد بتأويل من يخلف أو خلفا يخلف ، وبالحقيقة الإنسان يخلف جميع المكونات من الروحانيات والجسمانيات والسماويات والأرضيات ، ولا يخلفه شيء منها إذ لم يجتمع في شيء منها ما اجتمع فيه. وليس للعالم مصباح يضيء بنار نور الله فيظهر أنوار صفاته خلافة عنه إلا مصباح الإنسان ، لأنه أعطى مصباح السر في زجاجة القلب ، والزجاجة في مشكاة الجسد ، وفي زجاجة القلب زيت الروح ( يكاد زيتها يضيء ) [النور : 35] من صفاء العقل ولو لم تمسسه نار النور ، وفي مصباح السر فتيلة الخفاء ، فإذا استنار مصباحه بنار نور الله كان خليفة الله في أرضه ، فيظهر أنوار صفاته في هذا العالم بالعدل والإحسان والرأفة والرحمة واللطف والقهر ، ولا تظهر هذه الصفات لا على الحيوان ولا على الملك فاعلم. والفائدة في إخبار الملائكة بذلك ، إما تعليم العباد المشاورة في أمورهم وإن كان هو بحكمته البالغة غنيا عن ذلك ، وإما ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا. واعلم أن الجمهور من علماء الدين على أن الملائكة كلهم معصومون عن جميع الذنوب لقوله تعالى ( يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) [النحل : 50] فلا شيء من المأمورات بل ومن المنهيات لأن المنهي مأمور بتركه إلا ويدخل فيه بدليل صحة الاستثناء وأيضا لقوله ( بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ) [الأنبياء : 26 ، 27] ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) [الأنبياء : 20] إلى غير ذلك من الآيات.
وطعن فيهم بعض الحشوية بأنهم قالوا أتجعل ، والاعتراض على الله من أعظم الذنوب. وأيضا نسبوا بني آدم إلى القتل والفساد وهذا غيبة وهي من أعظم الكبائر. وأيضا مدحوا أنفسهم بقولهم ( ونحن نسبح بحمدك ) وهو عجب. وأيضا قولهم ( لا علم لنا إلا ما علمتنا ) اعتذار والعذر دليل الذنب. وأيضا قوله تعالى ( إن كنتم صادقين ) دل على أنهم كانوا كاذبين فيما قالوه. وأيضا قوله ( ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض ) يدل على أنهم كانوا مرتابين في أنه تعالى عالم بكل المعلومات. وأيضا علمهم بالإفساد وسفك الدماء إما بالوحي وهو بعيد وإلا لم يكن لإعادة الكلام فائدة ، وإما بالاستنباط والظن وهو منهي ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) [الأسراء : 36] وأيضا قصة هاروت وماروت وأن
مخ ۲۱۶