غرائب القرآن او رغائب الفرقان

نظام دین نیسابوري d. 730 AH
150

أحدهما استواء طرفي الحكم في ذهن المستفهم ، والثاني طلب معرفة أحدهما فجرد هذا الترتيب لمعنى الاستواء وسلخ عنه الطلب. وفائدة العدول عن العبارة الأصلية وهي سواء عليهم الإنذار وعدمه ، أن يعلم أن قطع الرجاء وحصول اليأس عنهم إنما حصل بعد إصرارهم وكانوا قبل ذلك مرجوا منهم الإيمان ، لا في علم الله تعالى بل في علمنا ، فنزلت الآية بحسب ما يليق بحالنا في باب التقرير والتصوير. أو نقول : فائدته أن يعلم أن استواء الطرفين بلغ مبلغا يصح أن يستفهم عنه لكونه خاليا عن شوب التخمين وترجيح أحد الطرفين بوجه ، فإن قول القائل «الإنذار وعدمه مستويان عليهم» يمكن أن يحمل على التقريب لا التحقيق ، بخلاف ما لو أخبر عن الأمرين بطريق الهمزة وأم فافهم. والإنذار التخويف من عقاب الله بالزجر عن المعاصي ، وإنما ذكر الإنذار دون البشارة لأن المقام مقام المبالغة ، وتأثير الإنذار في الفعل والترك أقوى لأن دفع الضرر أهم من جلب النفع. وقوله «

** لا يؤمنون

** السادسة :

وتغطية لئلا يتوصل إليه ولا يطلع عليه . والغشاوة الغطاء فعالة من غشاه إذا غطاه ، وهذا البناء لما يشتمل عليه كالعصابة والعمامة. والقلب يراد به تارة اللحم الصنوبري المودع في التجويف الأيسر من الصدر وهو محل الروح الحيواني الذي هو منشأ الحس والحركة وينبعث منه إلى سائر الأعضاء بتوسط الأوردة والشرايين ، ويراد به تارة اللطيفة الربانية التي بها يكون الإنسان إنسانا وبها يستعد لامتثال الأوامر والنواهي والقيام بمواجب التكاليف ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ) [ق : 37]. وهي من عالم الأمر الذي لا يتوقف وجوده على مادة ومدة بعد إرادة موجده له ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) [النحل : 40]. كما أن البدن بل اللحم الصنوبري من عالم الخلق الذي هو نقيض ذلك ( ألا له الخلق والأمر ) [الأعراف : 54]. وقد يعبر عنها بالنفس الناطقة ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ) [الشمس : 7 ، 8] وبالروح ( قل الروح من أمر ربي ) [الإسراء : 85] ( ونفخت فيه من روحي ) [ص : 72] والسمع قوة مرتبة في العصب المتفرق في سطح الصماخ ، تدرك صورة ما يتأدى إليه بتموج الهواء المنضغط بين قارع ومقروع مقاوم له انضغاطا بعنف يحدث منه تموج فاعل للصوت ، فيتأدى إلى الهواء المحصور الراكد في تجويف الصماخ ويموجه بشكل نفسه وتماس أمواج تلك الحركة تلك العصبة فتسمع قاله ابن سينا. ولعل هذا في الشاهد فقط ، وأما البصر فقال ابن سينا : هي قوة مرتبة في العصبة المجوفة تدرك صورة ما ينطبع في الرطوبة الجليدية من أشباح الأجسام

مخ ۱۵۲