وهم عامر بالنزول، فإذا بفارس أقبل على الدير، ورآه يدخل من فوره على الرئيس ويخاطبه، ثم رأى الرئيس يتحول إليه هو قائلا: أبشر يا عامر، إن وفد الخليفة قادم لحمل العروس، فأخبرها لتتأهب.
فهرول عامر حتى دخل الغرفة وهو لا يدري ما يقول لسلمى، وكانت قد نهضت ولبست ثيابها وتأهبت للسفر.
فقال لها: ألا تزالين يا سلمى على عزمك؟ قالت: قد عزمت واتكلت على الله.
قال لها: ألا تراجعين نفسك؟ ألا تذكرين أن في دار الخليفة أناسا يعرفونك ويعرفون علاقتك بعبد الرحمن؟ أتظنين الخليفة إذا عرف حقيقة حالك يبقي عليك؟
قالت: إن الذي يرى الموت أمام عينيه ويسعى إليه باختياره لا يخاف العقبى. أتظنني أجهل أن شمرا اللعين يترقب فرصة للإيقاع بي وأنه حالما يعلم بوجودي في دار الخليفة يطلعه على سري؟ ولكن ...
فقطع عامر كلامها قائلا: وما قولك إذا كان قد عرف ذلك قبل خروجك من هذا الدير؟
قالت: لا أبالي عرف أم لم يعرف، وليفعل ما يشاء، دعني الآن من بواعث التردد فقد عزمت وتوكلت والسلام. هل سمعت عن وفد الخليفة؟
قال: علمت الساعة أنهم قادمون لحملك، فإذا رأوني هنا ولم أذهب معهم يرتابون في أمرنا، وأرى أن أخرج بحيلة، فإذا جاءوا فاذكري لهم أني ذهبت في حاجة وسأوافيكم إلى دار الخليفة. قال ذلك ثم تنهد والتفت إلى سلمى وقال: إنك ذاهبة إلى خطر هو أشد مما خفناه على عبد الرحمن يوم خروجه لقتل يزيد، فكيف أرضى بهذا الذهاب؟ لا. لا. لا أدعك تذهبين وحدك.
قالت: لقد قضي الأمر يا عماه، تعال ودعني على عجل، واحفظ وصيتي لك في شأن عبد الرحمن.
قالت ذلك وشرقت بدموعها، ولكنها حاولت الكظم وهي تتشاغل بإصلاح خمارها. أما هو فلم يعد يتمالك عن البكاء لاعتقاده أنه لن يرى سلمى بعد هذا الفراق، ولكنه لم يشأ أن يكدرها فقال لها: سيري في حراسة الله وارفقي بنفسك، وإذا رأيت سبيلا للنجاة غير القتل فافعلي.
ناپیژندل شوی مخ