فابتدره الرئيس قائلا: إن بين النساء هذا الدير فتاة ليست راهبة ولكنها من أحسن النساء عقلا وذكاء، وهي تصلح الطعام أحسن إصلاح، فإذا كانت هي التي وقعت من مولانا أمير المؤمنين موقع الاستحسان، ألحقناها ببطانته في هذا السفر، ولا نظنها إلا فرحة بهذا الشرف العظيم.
فاستبشر الرجل بنيل المرام وقال: وأي فتاة هي؟
قال: هي التي ندعوها الأخت مريم ...
فقطع الرجل كلامه قائلا: إنها هي التي أعجبت الخليفة، فهل تظنها ترضى بخدمته؟
فهز الرئيس رأسه هزة الاستخفاف وقال: ومن ذا الذي يرفض هذا الشرف؟
ونادى الرئيس قيمة الدير وطلب إليها أن تدعو الأخت مريم، فلما جاءت ووقفت بين يدي الرئيس قال لها: اعلمي يا بنية أن مولانا الخليفة مسافر إلى حوران ويحتاج إلى فتاة تصلح له الطعام، وقد امتدحت له مهارتك في ذلك، وقد تنازل أن تكوني في خدمته، فأبشري بإقبال سعدك واذهبي إليه، وأوصيك أن تبذلي الجهد لإرضائه.
فسكتت سلمى وأبدت الاستحسان بملامح وجهها وقد خفق قلبها سرورا بتلك الفرصة.
ففرح الرئيس أيضا وأثنى على لطفها وقال لها: سيري منذ الآن مع هذا الأمير، وكوني ساهرة في خدمة الخليفة، فإنه قد غمرنا بفضله وإحسانه.
فسارت سلمى وقد تهيبت تلك المهمة ولكنها صممت على الفتك بيزيد مهما يكلفها ذلك.
وكان يزيد في انتظار رسوله، فلما عاد إليه ظافرا غانما أثنى على صدق خدمته، وأمره أن يعد المرطبات والفاكهة ليتناولها قبل الرقاد، فأعد كل شيء وانصرف، وبقي يزيد في الخيمة وحده فدعا بالأخت مريم، فدخلت وقد تلثمت بالخمار متظاهرة بأن اللثام من تقاليد أهل الدير.
ناپیژندل شوی مخ