ما الفائدة من سرد هذه الحوادث؟
نحن حين نقول بإنقاذ فلسطين لا نعني النصر اليوم، أو في السنة القادمة. صراعنا مع اليهود يقاس بالأجيال لا بالسنين. وعلينا أن نسجل الآن أخطاءنا ومواطن القوة فينا، لقد أخطأنا حين افترضنا أن الفلبين هي مستعمرة أميركية ، وأن النبل في حكامها لا يستثار، وقد غفل اليهود عن استمالتهم إلى جهتهم توهما منهم أنهم ألعوبة في يد الأميركان. وقد أجرمنا حين قتلنا الثقة في نفوس شعبنا، ومنهم المهاجرون، وأخطأنا حين توهمنا أن من واجب الأغراب أن ينتصروا لنا من غير أن نتودد إليهم حتى بكياسات اجتماعية.
وذلك الصديق الذي ائتمنني على سر، وهو اليوم من كبار موظفي الحكومة الفلبينية، هل أنا أخونه حين أسلم رسالته للكاتب؟
نحن اليوم نسجل تاريخا نستعين به، أو يستعين به أولادنا، أو أحفادنا في الصراع مع اليهود. أية أهمية للفتك بصديق في سبيل قضية كبرى؟ هذه الخشونة في الروح تتغلغل فيك حين أنت تنتظم في حركة.
أذكر لحظة وقف فيها قلبي؛ إذ ظننت أن سعيد فريحة كاد يقع في هوة المصعد قبل أن تكتمل بناية العسيلي. أما اليوم فلو أن انتصار القضية الكبرى يقتضي أن أدفش سعيد فريحة إلى هوة المصعد لفعلت. وقد ألتقي بعد ذلك بسكرتير تحرير الصياد، أنطون متري، فأسأله: «سعيد، كيف صحته؟»
حين ودعت «كيرينو» راجعا إلى بلادي سألته: «هل من وصية؟» أجاب: «لا! إنها نصيحتي أن تحسب أبدا حسابا للورقة المستورة، الخمسة الثالثة تقلب الموقف حين تنقلب!»
رامز صعب
هل أنقذت حياته القنبلة الذرية؟
تبدأ هذه القصة بعد أن هدمت إحدى طائرات الأميركان الدير الذي التجأ إليه نحو من مئتي أجنبي في مدينة جبلية في الفلبين تدعى «باغيو»، وكان من اللاجئين أصدقاء لبنانيون ثلاثة: حسني الحلبي البيروتي، ومخيبر كيروز البشراني، والكاتب وعائلاتهم.
وكان السبب المباشر لضرب الدير أن اليابانيين كثيرا ما كانوا يخبئون الأسلحة والذخائر في الكنائس، والأديرة، والمدارس، والمستشفيات. ويبدأ هذا الفصل بعد احتراق الدير: ... وفي أواخر الليل مزق أذني صراخ نساء ثلاث؛ زوجتي، وزوجة مخيبر كيروز، وزوجة الإسبنيولي سلسمندي؛ فأفقت أسأل: ما الخبر؟! وأشعل مخيبر الشمعة التي إلى جانبه، وتبين لنا أن إحدى السيدات حلمت بالطائرات تضربنا فذعرت، وساهمتها بالخوف رفيقتاها. وهدأ روعهن حالا؛ لأننا تعلمنا من رفاقنا الأطباء أن أسرع الوسائل لتهدئة من تصيبه الهستيريا هي صفعة على الخد، وقد عقد الرجال منا ميثاقا فيما بينهم، وفوض بعضهم بعضا أن يصفعوا خد أية زوجة عند الأزمة، علاج أسرفنا في وصفه والتداوي به في كثير من الأحيان.
ناپیژندل شوی مخ