ومن الفتوة مخالفة هوى النفس ليظهر له بذلك طريق النفس. كذلك حكي عن بعض العارفين أنه قال: من وقعت له مسألة في علم الإرادة. ولا يحضره الدليل، فلينظر أي حال أقرب إلى هوى نفسه، فليخالفها، فإنه يكشف له عن حقيقة الواقعة.
ومن الفتوة القيام لله، والقيام بالله، والقيام مع الله. وعلامة القيام بالله أن لا يتهيأ للأشياء أن يزيلها، وليس له في الأحوال اختيار. وعلامة القيام لله أن لا يكون لقيامه في الأحوال نهاية، ولا يسكن إلى المقامات، والكرامات، ولا يطلب الأعواض. وعلامة القيام مع الله أن لا تكون الأشياء قائمة معه، ولا تحجبه عن الله. ولا تشغله عنه.
ومن الفتوة ما سئل عنها أبو الحسن البوشنجي ﵀. فقال: حسن السر مع الله، أن تحب لإخوانك ما تحبه لنفسك، بل تؤثرهم على نفسك، لأن الله تعالى يقول: ﴿يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ . والنبي ﷺ يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، فمن اجتمعت فيه هاتان الخصلتان، صحت له الفتوة والتطرق.
1 / 50