ومن الفتوة رجوع العبد إلى ربه في كل أسبابه. والثقة به دون خلقه. أخبرنا نصر بن محمد بن أحمد الصوفي، حدثنا سليمان بن أبي سلمة الفقيه، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن سمعت يحيى بن معاذ الرازي ﵏ يقول: أربع خصال من صفة الأولياء: الثقة بالله في كل شيء، والرجوع إليه في كل شيء، والاستعانة به في كل شيء، والافتقار إليه في كل شيء.
ومن الفتوة الشفقة على الخلق في كل الأحوال. أخبرنا نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب، سمعت جعفر بن محمد بن نصر يقول: سمعت الجنيد ﵀ يقول: كان بناحية دمشق شيخ من شيوخنا يقال له أبو موسى القومسي ﵀، وكان من الفتيان، وذكر من فضائله، قال: كان هو وامرأته في دار فسقطت الدار عليهم، فجاءوا ينحون عنهم الهدم، إذ وقعوا على المرأة، فقالت: الشيخ الشيخ أبو موسى فإنه في تلك الزاوية، فتركوها وجاءوا إليه، وأخذوا التراب عنه فقال الشيخ: المرأة المرأة.
قال أبو القاسم: فكل واحد منهم في ذلك الوقت كان همه الشغل بصاحبه. كذلك أهل الموالاة والمعاقدة، لله وفي الله قلوبهم على هذا النعت في كل الأحوال.
ومن الفتوة أن لا يستخدم غني فقيرًا في سبب من الأسباب. سمعت منصور بن عبد الله الخواص.. .. جميعًا في مسجدٍ ﵏ يقول: سمعت التفليسي يقول: كان الجنيد وبهم فاقة، فدخل عليهم بعض أصدقائهم، فرأى فيهم أثر الجوع، فقال لبعض الفقراء: قم معي، وخرج إلى السوق، واشترى ما اشترى،
1 / 42