هم المحب يجول في الملكوت ... والقلب يسمو واللسان صموت
ثم هام على وجهه وهو يقول:
أيها الشامخ الذي لا يرام ... نحن من طينة عليك السلام
إنما هذه الحياة متاع ... ومع الموت تستوي الأقدام
ومن الفتوة ترك الشكاية عند البلاء. وقبوله بالرحب والدعة. سمعت عبد الواحد بن بكر يقول: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الدينوري، حدثنا عبد الله ابن محمد [بن] الحارث الصوفي، عن محمد بن محبوب، أنه قال: بينا أنا مار في شوارع بغداد، إذ وقعت إلى المارستان، فإذا بفتى حسن الوجه في رجليه قيد، وفي عنقه غل، فلما رأيته انحرفت عنه، فناداني، قال يا ابن محبوب، أما رضي مولاك إذ يتمنى لحبه حتى غلني وقيدني؟ قل له: إن كنت راضيًا عني فلا أبالي بذلك. ثم أنشأ يقول:
على بعدك لا يصبر من عودته القرب ...
ولا يقوى على هجرك من تيمه الحب ...
فإن لم ترك العين فقد أبصرك القلب ...
ومن الفتوة ملازمة الفقر والأنس بمكانه والفرح به. سمعت أبا الفرج الورثاني يقول: سمعت إبراهيم بن أحمد الساجي يقول: سمعت محمد بن الحسين الخصيب يقول: سمعت العباس بن عبد العظيم يقول: سمعت بشر بن الحارث يقول: الفقر للمؤمن مخزونٌ مكنونٌ كما إن الشهادة مخزونةٌ مكنونةٌ عند الله لا ينالها إلا من أحب من عباده.
1 / 34