ومن الفتوة مطالبة العبد نفسه بالصدق. ليشغله ذلك عن الفراغ إلى أحوال الخلق أجمع. حكي لي عن أبي بكر الطمستاني أنه قال: كل من استعمل الصدق بينه وبين الله، شغله صدقه مع الله عن الفراغ إلى خلق الله.
ومن الفتوة الثقة بضمان الله تعالى في الرزق. سمعت أحمد بن محمد بن زكريا يقول: سمعت علي بن إبراهيم يقول: سمعت إبراهيم بن شيبان يقول: قال سهل بن عبد الله: من اهتم لرزقه بعد ضمان الله له، لم يكن له عند الله قدر.
ومن الفتوة موافقة الإخوان على الجملة وترك الخلاف عليهم. سمعت أبا العباس أحمد بن محمد النسوي يقول: سمعت أحمد بن عطاء يقول: سمعت علي بن جعفر يقول: قال أحمد بن إبراهيم الصوري قال: سمعت المسيب بن واضح يقول: كل أخ قلت له قم، قال إلى أين، فليس لك بأخ.
ومن الفتوة أن لا يخالف حبيبك في محبوب ومكروه. سمعت عبد الواحد بن بكر يقول: سمعت عبد الله بن أحمد الناقد يقول: سمعت أحمد بن الصلت يقول: سمعت بشر بن الحارث يقول: ليس من المروءة أن تحب ما يبغضه حبيبك. وأنشدت في هذا المعنى (شعر):
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذا كان حظي منك حظى منهم
وأهنتني فأهنت نفسي صاغرة ... ما من يهون عليك ممن أكرم
ومن الفتوة حفظ الأدب في الدعاء والسؤال والمناجاة. سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت سعيد بن عثمان العباسي يقول: حججت ثمانين حجة على قدمي في الفقر، فبينا أنا أطوف، إذ جرى على لساني في الطواف أن قلت: حبيبي.
1 / 22