الفتوحات المکيه
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
خپرندوی
دار إحياء التراث العربي
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
1418هـ- 1998م
د خپرونکي ځای
لبنان
وترى الشجعان قدما طلبا . . . للذي يحذر منه الجبنا اعلم أيدك الله بروح منه أن النفوس الإنسانية قد جبلها الله على الجزع في أصل نشأتها فالشجاعة والإقدام لها أمر عرضي والجزع في الإنسان أقوى منه في الحيوانات إلا الصرصر تقول العرب أجبن من صرصر وسبب قوته في الإنسان العقل والفكر الذي ميزه الله بهما على سائر الحيوان وما يشجع الإنسان إلا القوة الوهمية كما أنه أيضا بهذه القوة يزيد جبنا وجزعا في مواضع مخصوصة فإن الوهم سلطان قوي وسبب ذلك أن اللطيفة الإنسانية متولدة بين الروح الإلهي الذي هو النفس الرحماني وبين الجسم المسوى المعدل من الأركان المعدلة من الطبيعة التي جعلها الله مقهورة تحت النفس الكلية كما جعل الأركان مقهورة تحت حكم سلطان الأفلاك ثم إن الجسم الحيواني مقهور تحت سلطان الأركان التي هي العناصر فهو مقهور لمقهور عن مقهور وهو النفس عن مقهور وهو العقل فهو في الدرجة الخامسة من القهر من وجه فهو أضعف الضعفاء قال الله عز وجل الله الذي خلقكم من ضعف فالضعف أصله ثم جعل له قوة عارضة وهو قوله ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم رده إلى أصله من الضعف فقال عز وجل ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة فهذا الضعف الأخير إنما أعده لإقامة النشأة الآخرة عليه كما قامت نشأة الدنيا على الضعف ولقد علمتم النشأة الأولى وإنما كان هذا ليلازم ذاته الذلة والافتقار وطلب المعونة والحاجة لي خالقه ومع هذا كله يذهل عن أصله ويتيه بما عرض له من القوة فيدعي ويقول أنا ويمني نفسه بمقابلة لأهوال العظام فإذا قرصه برغوث أظهر الجزع لوجود الألم وبادر لإزالة ذلك الضرر ولم يقربه قرار حتى يجده فيقتله وما عسى أن يكون البرغوث حتى يعتني به هذا الاعتناء ويزلزله عن مضجعه ولا يأخذه نوم فأين تلك الدعوى والأقدام على الأهوال العظام وقد فضحته قرصة برغوث أو بعوضة هذا أصله ذلك ليعلم أن أقدامه على الأهوال العظام إنما هو بغيره لا بنفسه وهو ما يؤيده الله به من ذلك كما قال وأيدناه أي قويناه ولهذا شرع وإياك نستعين في كل ركعة ولا حول ولا قوة إلا بالله ولما علم الإنسان أنه لولا جود الله عز وجل لم يظهر له عين في الوجود وأن أصله لم يكن شيأ مذكورا قال تعالى ' وقد خلقتك من قبل ولم تك شيأ ' فللوجود لذة وحلاوة وهو الخير ولتوهم العدم العيني ألم شديد عظيم في النفوس لا يعرف قدر ذلك إلا العلماء ولكن كل نفس تجزع من العدم أن تلحق به كما هو حالها فمهما رأت أمرا تتوهم فيه أنه يلحقها بعدم عينها أو بما يقاربه هربت منه وارتاعت وخافت على عينها وبما كانت أيضا عن الروح الإلهي الذي هو نفس الرحمن ولهذا كنى عنه بالنفخ لمناسبة النفس فقال ونفخت فيه من روحي وكذا جعل عيسى ينفخ في صورة طينية كهيئة الطير فما ظهرت الأرواح إلا من الأنفاس غير أن للمحل الذي تمر به أثرا فيها بلا شك ألا ترى الريح إذا مرت على شيء نتن جاءت ريح منتنة إلى مشمك وإذا مرت بشيء عطر جاءت بريح طيبة لذلك اختلفت أرواح الناس فروح طيبة لجد طيب ما أشركت قط ولا كانت محلا لسفساف الأخلاق كأرواح الأنبياء والأولياء والملائكة وروح خبيث لجسد خبيث لم تزل مشركة محلا لسفساف الأخلاق وذلك إنما كان لغلبة بعض الطبائع أعني الأخلاط على بعض في أصل نشأة الجسد التي هي طيب الروح ووجود مكارم الأخلاق وسفسافها وخبث الروح فصحة الأرواح وعافيتها مكارم أخلاقها التي اكتسبتها من نشأة بدنها العنصري فجاءت بكل طيب ومليح ومرض الأرواح سفساف الأخلاق ومذمومها التي اكتسبتها أيضا من نشأة بدنها العنصري فجاءت بكل خبيث وقبيح لا ترى الشمس إذا أفاضت نورها على جسم الزجاج الأخضر ظهر النور في الحائط أو في الجسم الذي تطرح الشعاع عليه أخضر وإن كان الزجاج أحمر طرح الشعاع أحمر في رأي العين فانصبغ في الناظر بلون المحل وذلك للطافته يقبل الأشياء بسرعة ولما كان الهواء من أقوى الأشياء وكان الروح نفسا وهو شبيه بالهواء كانت القوة له فكان أصل نشأة الأرواح من هذه القوة واكتسبت الضعف من المزاج الطبيعي البدني فإنه ما ظهر لها عين إلا بعد أثر المزاج الطبيعي فيها فخرجت ضعيفة لأنها إلى الجسم أقرب في ظهور عينها فإذا قبلت القوة إنما تقبلها من أصلها الذي هو النفس الرحماني المعبر عنه بالروح المنفوخ منه المضاف إلى الله فهي قابلة للقوة كما هي قابلة للضعف وكلاهما بحكم الأصل وهي إلى البدن أقرب لأنها أحدث عهدا به فغلب ضعفها على قوتها فلو تجردت عن المادة ظهرت قوتها الأصلية التي لها من النفخ الإلهي ولم يكن شيء أشد تكبرا منها فالزمها الله الصورة الطبيعية دائما في الدنيا وفي البرزخ في النوم وبعد الموت فلا ترى نفسها أبدا مجردة عن المادة وفي الآخرة لا تزال في أجسادها يبعثها الله من صور البرزخ في الأجساد التي أنشأها لها يوم القيامة وبها تدخل الجنة والنار ذلك ليلزمها الضعف الطبيعي فلا تزال فقيرة أبدا ألا تراها في أوقات غفلتها عن نفسها كيف يكون منها التهجم والإقدام على المقام الإلهي فتدعى الربوبية كفرعون وتقول في غلبة ذلك الحال عليها أنا الله وسبحاني كما قال ذلك بعض العارفين وذلك لغلبة الحال عليه ولهذا لم يصدر مثل هذا اللفظ من رسول ولا نبي ولا ولي كامل في علمه وحضوره ولزومه باب المقام الذي له وأدبه ومراعاة المادة التي هو فيها وبها ظهر فهو ردم ملآن بضعفه وفقره مع شهوده أصله علما وحالا وكشفا وعلمه بأصله ومقام خلافته من وجه آخر لو كان حالا له لادعى الألوهة فإن الأمر الخارج في النفخ من النافخ له من حكمه بقدر ذلك فلو ادعاه ما ادعى محالا وبذلك القدر الذي فيه من القوة الإلهية التي أظهرها النفخ توجه عليه التكليف فإنه عين المكلف وأضيفت الأفعال إليه وقيل له قل وإياك نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله فإنه أصلك الذي إليه ترجع فصدقت المعتزلة في إضافة الأفعال إلى العباد من وجه بدليل شرعي وصدق المخالف في إضافة الأفعال كلها إلى الله تعالى من وجه بدليل شرعي أيضا وعقلي وقالت بالكسب في أفعال العباد للعباد بقوله تعالى ' لها ما كسبت ' وقال في المصورين على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أين من ذهب يخلق كخلقي فأضاف الخلق إلى العباد وقال في عيسى عليه السلام وإذ تخلق من الطين فنسب الخلق إليه عليه السلام وهو إيجاد صورة الطائرة في الطين ثم أمره أن ينفخ فيه فقامت تلك الصورة التي صورها عيسى عليه السلام طائرا حيا وقوله بإذن الله يعني الأمر الذي أمره الله به من خلقه صورة الطائر والنفخ وإبراء الأكمه والأبرص وإحيائه الميت فأخبر أن عيسى عليه السلام لم ينبعث إلى ذلك من نفسه وإنما كان عن أمر الله ليكون ذلك وإحياء الموتى من آياته على ما يدعيه فلولا أن الإنسان من حيث حقيقته من ذلك النفس الرحماني ما صح ولا ثبت أن يكون عن نفخة طائر يطير بجناحيه ولما كانت حقيقة الإنسان هكذا خوفه الله بما ذكر من صفة المتكبرين ومآلهم واسوداد وجوههم كل ذلك دواء للأرواح لتقف مع ضعف مزاجها الأقرب في ظهور عينها فالإنسان ابن أمه حقيقة بلا شك فالروح ابن طبيعة بدنه وهي أمه التي أرضعته ونشأ في بطها وتغذى بدمها فحكمه حكمها فلا يستغني عن غذاء في بقاء هيكله تتميم فلما كان الغالب هذا على الإنسان رجعنا إلى المكاشف الذي يهرب إلى عالم الشهادة عندما يرى ما يهوله في كشفه مثل صاحبنا أحمد العصاد الحريري رحمه الله فإنه كان إذا أخذ سريع الرجوع إلى حسه باهتزاز واضطراب فكنت أعتبه وأقول له في ذلك فيقول أخاف وأجبن من عدم عيني لما أراه ولو علم المسكين أنه لو فارق المواد رجع النفس إلى مستقره وهو عينه ورجع كل شيء إلى أصله ولكن لو كان ذلك لانعدمت الفائدة في حق العبد فيما يظهر وليس الأمر كذلك ولذلك قلنا وهو عينه أي عين العبد فالبقاء الذي أراده الحق أولى به بوجود هذا الهيكل العنصري في الدنيا الطبيعي في الآخرة والذي يثبت هنالك أعني عند الوارد إنما يثبت إذا دخل عبدا كما إن الذي لا يثبت إنما دخل وفي نفسه شيء من الربوبية فخاف من زوالها هناك فهرب إلى الوجود الذي ظهرت فيه ربانيته ولهذا تكون فائدته قليلة والثابت يدخل عبدا قابلا بهمة محترقة إلى أصله ليهبه من عوارفه ما عوده فإذا خرج خرج نورا يستضاء به فمثل الداخل إلى ذلك الجناب العالي بربوبيته مثل من يدخل بسراج موقود ومثل الذي يدخل بعبوديته مثل من يدخل بفتيلة لا ضوء فيها أو بقبضة حشيش فيها نار غير مشتعلة فإذا دخلا بهذه المثابة هب عليهما نفس من الرحمن فطفىء لذلك الهبوب السراج واشتعل الحشيش فخرج صاحب السراج في ظلمة وخرج صانحب الحشيش في نور يستضاء به فانظر ما أعطاه الاستعداد فكل هارب من هناك إنما يخاف على سراجه أن ينطفىء فهو يخاف على ربوبيته أن تزول فيفر إلى محل ظهورها ولكن ما يخرج إلا وقد طفىء سراجه ولو خرج به موقدا كما دخل ولم يؤثر فيه ذلك الهبوب لادعى الربوبية حقا ولكن من عصمة الله له كان ذلك ومن دخل عبدا لا يخاف وإذا اشتعلت فتيلته هنالك عرف من أشعلها ورأى المنة له سبحانه في ذلك فخرج عبدا منورا كما قال تعالى ' سبحان الذي أسرى بعبده ' يعني عبدا فكان في خروجه إلى أمته داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا كما دخل عبدا ذليلا عارفا بما دخل وعلى من دخل فمن وفقه الله تعالى ولزم عبوديته في جميع أ ؛ واله وإن عرف أصليه فيرجح الأصل الأقرب إليه جانب أمه فإنه ابن أمه بلا شك ألا ترى إلى السنة في تلقين الميت عند حصوله في قبره يقال له يا عبد الله ويا ابن أمة الله فينسب إلى أمه سترا من الله عليها فأضيف إلى أمه لأنها أحق به لظهور نشأته ووجود عينه فهو لأبيه ابن فراش وهو ابن لأمه حقيقة فافهم ما أعطيناك من المعرفة بك في هذا الباب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل . و يخاف على ربوبيته أن تزول فيفر إلى محل ظهورها ولكن ما يخرج إلا وقد طفىء سراجه ولو خرج به موقدا كما دخل ولم يؤثر فيه ذلك الهبوب لادعى الربوبية حقا ولكن من عصمة الله له كان ذلك ومن دخل عبدا لا يخاف وإذا اشتعلت فتيلته هنالك عرف من أشعلها ورأى المنة له سبحانه في ذلك فخرج عبدا منورا كما قال تعالى ' سبحان الذي أسرى بعبده ' يعني عبدا فكان في خروجه إلى أمته داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا كما دخل عبدا ذليلا عارفا بما دخل وعلى من دخل فمن وفقه الله تعالى ولزم عبوديته في جميع أ ؛ واله وإن عرف أصليه فيرجح الأصل الأقرب إليه جانب أمه فإنه ابن أمه بلا شك ألا ترى إلى السنة في تلقين الميت عند حصوله في قبره يقال له يا عبد الله ويا ابن أمة الله فينسب إلى أمه سترا من الله عليها فأضيف إلى أمه لأنها أحق به لظهور نشأته ووجود عينه فهو لأبيه ابن فراش وهو ابن لأمه حقيقة فافهم ما أعطيناك من المعرفة بك في هذا الباب والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
الباب الثالث والخمسون في معرفة ما يلقى المريد على نفسه من الأعمال
قبل وجود الشيخ
إذا لم تلق استاذا . . . فكن في نعت من لاذا
وقطع نفسه واللي . . . ل أفلاذا فأفلاذا
وتسبيحا وقرآنا . . . فأسهده بمن حاذى
وأضعفه وأحياه . . . فلما لم يقل ماذا
فكان له الذي يبغي . . . ه تلميذا واستاذا
وجاءته معارفه . . . زرافات وأفذاذا
مخ ۳۴۸