الفتوحات المکيه
الفتوحات المكية في معرفة الاسرار الملكية
خپرندوی
دار إحياء التراث العربي
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
1418هـ- 1998م
د خپرونکي ځای
لبنان
اعلم أيها الولي الحميم تولاك الله بعنايته أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فتقدم محبته إياهم على محبتهم إياه وقال أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا إلي فقدم إجابته لنا إذا دعوناه على إجابتنا له إذا دعانا وجعل الإستجابة من العبيد لأنها أبلغ من الإجابة فإنه لا مانع له من الإجابة سبحانه فلا فائدة للتأكيد وللإنسان موانع من الإجابة لما دعاه الله إليه وهي الهوى والنفس والشيطان والدنيا فلذلك أمر بالإستجابة فإن الأستفعال أشد في المبالغة من الأفعال وأين الإستخراج من الإحراج ولهذا يطلب الكون من الله العون في أفعاله ويستحيل على الله أن يستعين بمحلوق قال تعالى تعليما لنا أن نقول وإياك نستعين من هذا الباب فلهذا قال في هذا الباب صل فقد نويت وصالك فقد قدم الإرادة منه لذلك فقال صل فإذا تعلمت في الوصلة فذلك عين وصلته بك فلذلك جعلها نية لا عملا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا وهذا قرب مخصوص يرجع إلى ما تتقرب إليه سبحانه به من الأعمال والأحوال فإن القرب العام قوله تعالى ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فضاعف القرب بالذراع فإن الذراع ضعف للشبر أي قوله صل هو قرب ثم تقريب إليه شبرا فتبدى لك أنك ما تقربت إليه إلا به لأنه لولا ما دعاك وبين لك طريق القربة وأخذ بناصيتك فيها ما تمكن لك أن تعرف الطريق التي تقرب منه ما هي ولو عرفتها لم يكن لك حول ولا قوة إلا به ولما كان القرب بالسلوك والسفر إليه لذلك كان من صفته النور لنهتدي به في الطريق كما قال تعالى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر وهو السلوك الظاهر بالأعمال البدينة والبحر وهو السلوك الباطن المعنوي بالأعمال النفسية فأصحاب هذا الباب معارفهم مكتسبة لا موهوبة وأكلهم من تحت أقدامهم أي من كسبهم لها وإجتهادهم في تحصيلها ولولا ما أرادهم الحق لذلك ما وفقهم ولا إستعملهم حين طرد غيرهم بالمعنى ودعاهم بالأمر فحرمهم الوصول بحرمانه إياهم إستعمال الأسباب التي جعلها طريقا إلى الوصول من حضرة القرب ولذلك بشرهم فقال صل فقد نويت وصالك فسبقت لهم العناية فسلكوا وهم الذين أمرهم الله بلباس النعلين في الصلاة إذ كان القاعد لا يلب النعلين وإنما وضعت للماشي فيها فدل أن المصلي يمشي في صلاته ومناجاة ربه في الآيات التي يناجيه فيها منزلا ممنزلا كل آية منزل وحال فقال لهم يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد قال الصاحب لما نزلت هذه الآية أمرنا فيها بالصلاة في النعلين فكان ذلك تنبيها من الله تعالى للمصلي أنه يمشي على منازل ما يتلوه في صلاته من سور القرآن إذ كانت السور هي المنازل لغةة قال النابغة
مخ ۲۵۲