296

فأميركم بعدي حذيفة بن اليمان، فإن أصيب فجرير بن عبد الله البجلي، فإن أصيب فالأشعث بن قيس الكندي، فإن أصيب فالمغيرة بن شعبة الثقفي[ (1) ]، ثم رفع النعمان رأسه إلى السماء فقال: اللهم انصر ابن مقرن وارزقه الشهادة! إنك على كل شيء قدير. قال: فناداه رجل من أصحابه فقال: أيها الأمير!إنك قد أمرتنا بأمر ونحن قابلوه منك، ولكن متى تأمرنا بالحملة على هؤلاء القوم في أول النهار أم في آخره؟ فقال: لا بل في آخره إذا زالت الشمس عن كبد السماء وهبت الرياح وحضرت مواقيت الصلاة[ (2) ]، وعسى أن يوافق دعاؤنا دعاء أهل المدينة، فعند ذلك نرجو النصر من السماء، ولا سيما هذا يوم الجمعة وهو يوم يستجاب فيه الدعاء.

قال: فبينا النعمان بن مقرن يكلم أصحابه بهذا الكلام ويوصيهم إذا هو بعساكر الفرس قد أقبلت يتلو بعضها بعضا على البراذين البخارية وقد زينت بالسروج المدبجة والمراشح[ (3) ]المشعرة، والفرس في أيديها الرايات المعلمة والأعمدة المذهبة والطبرزينات المحزقة وعليهم أقبية الحرير وصدر الديباج، والفيلة عن أيمانهم وشمائلهم قد شهروها بأنواع الزينة، قال: فنظر المسلمون إلى جمع عظيم وعدة قوية فكأنهم جزعوا لذلك وخافوا أن يفشلوا، قال: فصاح رجل: يا أهل الإسلام! ألا ما أشبه هذا اليوم إلايوم الجسر الذي قتل فيه أبو عبيدة بن مسعود الثقفي وأصحابه، قال: ثم استعبر باكيا، قال فقال عبد الله بن... [ (4) ]لقد أذكرتني يوم الجسر فأين أنت عن قول أبي محجن الثقفي.

قال: فصاح عمرو بن معديكرب من القلب وقال: يا معشر المسلمين!ذرونا من مناشدة الأشعار وارغبوا في مجاورة الملك الجبار وعليكم بالنظر إلى راية أميركم، [ (1) ]بالأصل، انظر الطبري 4/232 ابن الأثير 2/183 البداية والنهاية 7/123 فتوح البلدان ص 300.

[ (2) ]وهي أحب الساعات كانت إلى رسول الله (ص) أن يلقى العدو فيها (ابن الأثير 2/183، وقد مرت رواية أبي داود والترمذي في ذلك) .

وجاءت شكاية الناس إلى النعمان بعد ما أقبل المشركون على المسلمين يرمونهم حتى أفشوا بينهم الجراح رغم استتار المسلمين بالحجف.

[ (3) ]المراشح جمع مرشحة وهي البطانة التي تحت لبد السرج، سميت بذلك لأنها تنشف الرشح، يعني العرق.

[ (4) ]كذا بياض بالأصل.

مخ ۳۰۱