235

مرتهن بدينه، ومن أصبح منكم مهاجرا[ (1) ]لأخيه المسلم فليلقه وليصافحه، فإنه لا ينبغي للمؤمن أن يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام[ (2) ]، أيها الناس!إنكم قد فجعتم برجل، والله ما أعلم أني رأيت عبدا من عبيد الله أعلن[ (3) ]أمرا ولا أبر صدرا ولا أبعد من الغائلة ولا أشد حبا للعافية ولا أنصح لعامة المسلمين[ (4) ]منه، فرحمة الله على أبي عبيدة!فوالله[ (5) ]لأثنين عليه ما حييت ثناء صادقا، ولا أقول فيه باطلا، ولا أخاف أن يلحقني في ذلك من الله تبارك وتعالى مقت ولا غضب، كان والله-ما علمت-من المخبتين المتواضعين الذين يرحمون اليتيم والمسكين ويبغضون الجبارين والمتكبرين.

قال: فقال عمرو بن العاص لرجل كان إلى جنبه: لعمري لقد استعمله أبو عبيدة فرضي عنه وأحسن الثناء عليه، قال: فجاء ذلك الرجل إلى معاذ فخبره بمقالة عمرو، فأرسل إليه معاذ فدعاه ثم قال: يا عمرو!أتزعم أن ثنائي على أبي عبيدة بن الجراح لأنه ولاني هذا الأمر من بعده؟إن كنت صادقا فأماتك الله بمثل هذه الموتة التي [توفي]فيها أبو عبيدة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله قد خبرنا أنها ميتة الصالحين[ (6) ]، وإن كنت كاذبا فأماتني الله بها وأبقاك إلى الفتنة فإنك تحب الإمارة جدا ولعلك أن تعطي فيها سؤلك يا عمرو!قال: فقال عمرو بن العاص:

أقسمت عليك أبا عبد الرحمن أن لا تغضب ولا تقل إلا خيرا!فوالله ما أردت بك مساءة قط!قال: فسكت معاذ فلم يرد عليه.

ثم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتابا فيه[ (7) ]: بسم الله الرحمن [ (1) ]الأزدي: مصارما مسلما فليلقه وليصالحه إذا لقيه ويصافحه.

[ (2) ]زيد عند الأزدي: والذنب في ذلك عظيم عند الله.

[ (3) ]الأزدي: أقل غمرا.

[ (4) ]زيد عند الأزدي: ولا أشد عليهم تحننا وشفقة.

[ (5) ]هذا القول لمعاذ جاء عند الأزدي ص 268 بعد ما دفن أبو عبيدة، انظر مقالته كاملة عنده بعد ما وضعوه في قبره وسفوا عليه التراب.

[ (6) ]إشارة إلى حديث رواه أحمد في مسنده 3/437 قال (ص) : اللهم اجعل فناء أمتي في سبيلك بالطعن والطاعون. وفي رواية أخرى عنده 4/395 قال (ص) : اللهم اجعل فناء أمتي بالطعن والطاعون.

[ (7) ]نسخة كتابه في فتوح الأزدي ص 273 والوثائق السياسية وثيقة رقم 357/ج ص 489.

مخ ۲۳۹