148

فتوح الشام

فتوح الشام

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤١٧هـ

د چاپ کال

١٩٩٧م

عندما صدقكم الوعد وأيدكم بالنصر في مواطن كثيرة واعلموا أن عيوني أخبروني أن عدو الله هرقل استنجد علينا من كبار بلاد الشرك وقد سيرهم إليكم وأثقلهم بالزاد والسلاح: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف:٨] واعلموا إنهم قد ساروا إليكم في طرق مختلفة ووعدهم طاغيتهم أن يجتمعوا بازائكم على قتالكم واعلموا أن الله معكم وليس بكثير من يخذله الله تعالى وليس بقليل من يكون الله تعالى معه فما عندكم من الرأي رحمكم الله تعالى ثم قال لبعض عيونه قم وأخبر المسلمين بما رأيت فقام الرجل وأخبر الناس بما رأى من الجيوش الثقيلة وعددها وعديدها فعظم ذلك على المسلمين وداخل قلوب رجال منهم الهيبة والجزع وجعل بعضهم ينظر إلى بعض ولم يرد أحد منهم جوابا فقال أبو عبيدة: ﵁ ما هذا السكوت عن جوابي رحمكم الله فاشيروا على أيديكم فإن الله ﷿ يقول لنبيه محمد ﷺ: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩] . قال الواقدي: فتكلم رجل من أهل السبق وقال: أيها الأمير أنت رجل لك رفعة ومكان وقد نزلت فيك آية من القرآن وانت الذي جعلك رسول الله ﷺ أمين هذه الأمة فقال ﵇ "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ﵁ عامر بن الجراح" أشر أنت علينا بما يكون فيه الصلاح للمسلمين فقال الأمين أبو عبيدة ﵁ انما أنا رجل منكم تقولون وأقول وتشيرون وأشير والله الموفق في ذلك فقام إليه رجل من أهل اليمن وقال: أيها الأمير الذي نشير به عليك أن تسير من مكانك وتنزل في فرجة من وادي القرى فيكون المسلمون قريبا من المدينة والنجدة تصل إلينا من الخليفة عمر بن الخطاب ﵁ وإذا طلب القوم أثرنا وأقبلوا إلينا كنا عليهم ظاهرين فقال الأمير أبو عبيدة ﵁ اجسلوا رحمكم الله فقد أشرتم بما عندكم من الرأي وإني أن برحت من موضعي هذا كره لي عمر بن الخطاب ذلك وأخذ يعنفني ويقول: تركت مدائن فتحها الله على يديك ونزحت عنها وكان ذلك هزيمة منك ثم قال: أشيروا علي برأيكم رحمكم الله تعالى. فقام إليه قيس بن هبيرة المرادي وقال: يا أمير المؤمنين لاردنا الله إلى أهلنا سالمين أن خرجنا من الشام وكيف ندع هذه الأنهار المتفجرة والزروع والأعناب والذهب والفضة والديباج ونرجع إلى قحط الحجاز وجد به وأكل خبز الشعير ولباس الصوف ونحن في مثل هذا العيش الرغد فإن قتلنا فالجنة وعدنا ونكون في نعيم لا يشبه نعيم الدنيا فقال أبو عبيدة: ﵁ صدق والله قيس بن هبيرة وبالحق نطق ثم قال: يا معاشر المسلميي أترجعون إلى بلاد الحجاز والمدينة وتدعون لهؤلاء الأعلاج قصورا وحصونا وبساتين وأنهارا وطعاما وشرابا وذهبا وفضة ما لكم مع ما لكم عند الله

1 / 152