قال هرقل: إنّ هذا الرأى ليس حيث ذهبتم إليه، إنه ما طابت نفس كسرى أن يشتم هذا الشتم الذي أجد فى كتاب شهربراز، وما كان شهربراز ليكتبه «١» إلىّ بهذا وهو ظاهر على عامّة ملكى إلّا من أمر حدث بينه وبين كسرى، وإنى والله لألقينّه.
فكتب إليه هرقل، قد بلغنى كتابك، وفهمت الذي ذكرت، وإنى لاقيك فموعدك بموضع كذا وكذا فاخرج معك بأربعة آلاف من أصحابى، فإنى خارج بمثلهم، فإذا بلغت موضع كذا وكذا فضع ممن معك خمسمائة، فإنى سأضع بمكان كذا وكذا، مثلهم، ثم ضع بمكان كذا وكذا مثلهم حتى نلتقى أنا وأنت فى خمسمائة خمسمائة.
وبعث هرقل الرسل من عنده إلى شهربراز، إن تمّ له يرسل إليه، وإن أبى ذلك عجلوا إليه فى كتاب، فرأى رأيه ففعل ذلك.
وسار هرقل فى أربعة آلاف التى خرج فيها، لا يضع منهم أحدا حتى التقيا بالموضع، ومع هرقل أربعة آلاف ومع شهربراز خمسمائة، فلما رآهم شهربراز أرسل إلى هرقل، أغدرت؟ فأرسل إليه هرقل، لم أغدر، ولكنى خفت الغدر من قبلك وأمر «٢» هرقل بقبّة من ديباج، فضربت له بين الصفّين، فنزل هرقل فدخلها، ودخل بترجمان معه.
وأقبل شهربراز حتى دخل عليه، فانتجى بينهما الترجمان حتى أحكما أمرهما واستوثق أحدهما من صاحبه بالعهود والمواثيق حتى فرغا من أمرهما.
فخرج هرقل وأشار إلى شهربراز بأن يقتل الترجمان لكى يخفى له السرّ فقتله شهربراز، ثم انكشف شهربراز، فجيّش الجيوش، وسار هرقل إلى كسرى حتى أغار عليه ومن بقى معه، فكان ذلك أوّل هلكة كسرى، ووفى هرقل لشهربراز بما أعطاه من ترك أرض فارس، وانكشف حين أفسد أرض فارس على كسرى، فقتلت فارس كسرى ولحق شهربراز بفارس والجنود «٣» .
1 / 57