قال عثمان: وفرغت من بنائه فى ستّة أشهر، وهو الجدار الذي يقال له جدار العجوز بمصر، وقد بقيت بالصعيد منه (بقايا كثيرة «١») .
ذكر عمل البرابى
قال عثمان بن صالح فى حديثه: (٢ وكان ثمّ عجوز ساحرة، يقال لها تدورة وكانت السحرة تعظمها وتقدّمها فى علمهم وسحرهم، فبعثت إليها دلوكة ابنة زبّا: إنّا قد احتجنا إلى سحرك، وفزعنا إليك، ولا نأمن أن يطمع فينا الملوك، فاعملى لنا شيئا نغلب به من حولنا، فقد كان فرعون يحتاج إليك، فكيف وقد ذهب أكابرنا وبقى أقلّنا.
فعملت بربى من حجارة فى وسط مدينة منف، وجعلت له أربعة أبواب كلّ باب منها إلى جهة القبلة، والبحر والغرب والشرق، وصوّرت فيه صور الخيل والبغال والحمير والسفن والرجال، وقالت لهم: قد عملت لكم عملا يهلك به كلّ من أرادكم من كلّ جهة تؤتون منها برّا أو بحرا، وهذا ما يغنيكم عن الحصن ويقطع عنكم مئونته، فمن أتاكم من أىّ جهة، فإنّهم إن كانوا فى البرّ على خيل أو بغال أو إبل أو فى سفن أو رجّالة تحرّكت هذه الصور من جهتهم التى يأتون منها فما فعلتم بالصور من شىء أصابهم ذلك فى أنفسهم على ما تفعلون بهم. فلما بلغ الملوك حولهم أنّ أمرهم قد صار إلى ولاية النساء، طمعوا فيهم، وتوجّهوا إليهم، فلما دنوا من عمل مصر، تحرّكت تلك الصور التى فى البربى فطفقوا لا يهيّجون تلك الصور بشىء ولا يفعلون بها شيئا إلّا أصاب ذلك الجيش الذي أقبل إليهم مثله، إن كانت خيلا فما فعلوا بتلك الخيل المصوّرة فى البربى من قطع رءوسها أو سوقها أو فقء أعينها، أو بقر بطونها أثر مثل ذلك بالخيل التى أرادتهم. وإن كانت سفنا أو رجّالة فكمثل ذلك، وكانوا أعلم الناس بالسحر وأقواهم عليه، وانتشر ذلك فتناذرهم الناس ٢) .
ذكر ملوك مصر بعد العجوز دلوكة
(* وكان نساء أهل مصر حين غرق من غرق منهم مع فرعون من أشرافهم ولم
1 / 48