الثالثة فقالوا له: لم يبق لنا إلّا أنفسنا وأهلونا وأرضونا. فاشترى يوسف أرضهم كلّها لفرعون، ثم أعطاهم يوسف طعاما يزرعونه «١» على أن لفرعون الخمس*) .
ذكر استنباط الفيّوم
(٢ قال: وفى ذلك الزمان استنبطت الفيّوم، وكان سبب ذلك كما حدثنا هشام بن إسحاق أن يوسف ﵊ لمّا ملك مصر، وعظمت منزلته من فرعون، وجاوزت سنّه مائة سنة، قال وزراء الملك له: إنّ يوسف قد ذهب علمه، وتغيّر عقله، ونفدت حكمته، فعنّفهم فرعون، وردّ عليهم مقالتهم، وأساء اللفظ لهم، فكفّوا ثم عاودوه بذلك القول بعد سنين، فقال لهم: هلمّوا ما شئتم من أىّ شىء أختبره به.
وكانت الفيوم يومئذ تدعى الجوبة؛ وإنما كانت لمصالة ماء الصعيد وفضله- فاجتمع رأيهم على أن تكون هى المحنة التى يمتحنون بها يوسف ﵊ فقالوا لفرعون: سل يوسف أن يصرف ماء الجوبة عنها، ويخرجه منها، فتزداد بلدا إلى بلدك، وخراجا إلى خراجك. فدعا يوسف فقال: قد تعلم مكان ابنتى فلانة منّى، وقد رأيت إذا بلغت أن أطلب لها بلدا، وإنى لم أصب لها إلّا الجوبة؛ وذلك أنه بلد بعيد قريب، لا يؤتى من وجه من الوجوه إلّا من غابة وصحراء.
قال غير هشام: فالفيوم وسط مصر كمثل مصر فى وسط البلاد، لأن مصر لا تؤتى من ناحية من النواحى إلا من [صحراء أو مفازة ٢) وكذلك هى ليست تؤتى من ناحية من النواحى من مصر إلّا من] «٣» مفازة وصحراء.
قال هشام فى حديثه: (* وقد أقطعتها إيّاها فلا تتركنّ وجها ولا نظرا إلا بلّغته فقال يوسف: نعم أيّها الملك، متى أردت ذلك فابعث إلىّ؛ فإنى إن شاء الله فاعل قال: إنّ أحبّه إلىّ وأوفقه أعجله. فأوحى إلى يوسف أن تحفر «٤» ثلاثة خلج: خليجا من أعلى
1 / 34