تسمع للحلى وسواسًا إذا انصرفت ... كما استعان بريحٍ عشرق زجل
والطي الملازم: هو أن يكون لازمًا للجزء أبدًا لا يفارقه؛ وذلك مثل الضرب الأول من المنسرح لا يزال أبدًا مطويًا، مثل قوله:
يوشك من فر من منيته ... في بعض غراته يوافقها
والمتقارب بيته الأصلي:
فأما تميم تميم بن مرٍ ... فألفاهم القوم روبى نياما
وليس في دائرته جنس مستعمل غيره، وقد ينقلب إلى وزنٍ آخر لم تستعمله العرب، مثل قوله:
أنت يا قوتة عندنا في الرضى ... غير مقليةٍ عندنا في الغضب
وليس في الدوائر الخمس دائرة استعمل منها جنس واحد غير هذه وهي الخامسة وتسمى دائرة المتفق. والنون ها هنا: السمكة. والعجمات: جمع عجمةٍ وهو معظم الرمل.
رجع: قيدتني تقييد وقاتم الأعماق. فأطلقني إطلاق عفت الديار، ولا تحشرني مقعدًا كبيت الربيع، ولا أصلم كثالث السريع، ولا مخبولًا كما قدم سبباه، فانكسر لذلك شباه، ولا مكفوفًا كأجزاء الرمل والمديد، وأعوذ بك أن أحشر أثرم كالجزء الأول من الطويل، أو أشتر كالهزج القصير، وأحشرني رب كاملًا كبيت العبسي، ماله من سىٍ، أنهض من الحفرة إلى رحمتك يوم تبعث رمم القوم النخرات. غاية.
تفسير: " وقائم الأعماق ": مقيدة تقييدًا لا يجوز فيه الإطلاق، و" عفت الديار ": مطلقة إطلاقًا لا يجوز فيه التقييد. وبيت الربيع بن زيادٍ:
أفبعد مقتل مالك بن زهيرٍ ... ترجو النساء عواقب الأطهار
تسميه العرب المقعد، ولم يذكر هذا الفن من الشعر الخليل، وذكره الأخفش فيما أغفله الخليل. ويجب أن يكون إسمه على مذهب الخليل والأخفش: القطع؛ وروى عن أبي عبيدة أن مثل هذا يسمى الإقواء.
والأصلم: الذي قد سقط منه وتد مفروق؛ مثل قول أبي قيسٍ بن الأسلت:
قالت ولم تقصد لقيل الخنا ... مهلًا فقد أبلغت أسماعي
أصل هذا الضرب في الدائرة أن يكون " مفعولات " فسقطت منه " لات " فبقى " مفعو " فحول إلى " فعلن ". وسماه الخليل أصلم شبهه بالذي قد اصطلمت أذنه. والخبل يدرك ما تقدم سبباه: من الأسماء السباعية إذا كان السببان مضطربين، وذلك في جزءين: " مستفعلن " الذي وتده مجموع، " مفعولات " فإذا سقطت سين " مستفعلن " وفاؤه حول إلى " فعلتن " وسمى مخبولا وهو مثل قول النابغة:
فحسبوه فألفوه كما حسبت ... تسعًا وتسعين لم تنقص ولم تزد
وإذا سقطت فاء " مفعولات " وواوها حولت إلى " فعلات " وهو مثل قول لبيد في المنسرح:
فلا تؤول إذا يؤول ولا ... تدنو إليه إذا هو اقتربا
والكف: سقوط نون " فاعلاتن " و" مفاعلين " حتى يبقى " فاعلات " و" مفاعيل " بغير نون.
فالكف في مفاعلين مثل قول حاتمٍ:
إذا رحلا لم يجدا بيت ليلةٍ ... ولم يلبسا إلا بجادًا وخيعلا
ومثله قول إمرئ القيس:
ألا رب يومٍ لك منهن صالحٍ ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
وبعض الناس يرويه:
ألا رب يومٍ صالحٍ لك منهم
طلبًا لإقامة الوزن. وليس في شعر إمرئ القيس من جنس هذا الزحاف غير هذا البيت، وقد إختلفت فيه الرواة كما تقدم؛ واختلفوا في بيتٍ آخر من شعره وهو قوله:
ألا إنما ذا الدهر يوم وليلة ... وليس على شئ قويمٍ بمستمر
فهذه رواية أكثر الناس، وبعضهم ينشده:
ألا إنما الدهر لبالٍ واعصر
فيكون مزاحفًا بمثل زحاف البيت الأول. وكف فاعلاتن مثل قول طرفة:
الهبيت لا فؤاد له ... والثبيت ثبته فهمه
والثرم: سقوط الفاء في الطويل من " فعولن " إذا إنضاف إليها سقوط النون كقول الشاعر:
هاجك ربع دارس الرسم باللوى ... لأسماء عفى آية المور والقطر
فإذا سقطت منه الفاء وحدها فهوأثلم، وإن سقطت النون وحدها فهو مقبوض، وإذا سقطتا جميعًا فهو أثرم. والشتر: سقوط الميم والياء من " مفاعلين " في الهزج حتى يحول إلى فاعلن، مثل قوله:
في الذين قد ماتوا ... وفيما خلفوا عبره
وبيت العبسى الكامل هو قوله:
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي
وهو الضرب الأول من الكامل، وليس في الشعر ما يجتمع فيه إثنان وثلاثون متحركا إلا هذا الضرب.
1 / 41