سبح لك تأسيس يمال ويفخم، والردف بخمس جهاتٍ تفهم، والروى بحروف المعجم، والوصل بأربعة مذاهب يترنم، والخروج بثلاثةٍ تعلم. إن رس التأسيس، كرس الأنيس، دائم العبادة ودائم التقديس، ودأب في التعظيم، الإشباع في كل نظيم، وشهدبك التوجيه، شهادة الوجيه، والحذو بآلائك منبئة؛ وكذاك المجرى، أين تصرف كلام وجرى، والنفاذ تحذر نوافذ القضاء. غاية.
تفسير: التأسيس: الألف التي بينها وبين حرف الروى حرف واحد، وهو الدخيل، كالألف في قوله: أتعرف رسمًا كاطراد المذاهب الألف في مذاهب تأسيس والهاء دخيل. ويجوز إمالة الألف وتفخيمها. فأما التأسيس في مثل ناصب فلا تجوز إمالته لأجل الحرف المستعلى بعده وهو الصاد. والردف: واو ساكنة، أو ياء ساكنة، أو ألف تكون قبل حرف الروى. وإنما صار بجهات خمس، لأن الواو يكون ما قبلها مفتوحًا، ومضموما، نحو الواو في جونٍ، وجون، والياء يكون ما قبلها مفتوحًا، أو مكسورا، نحو الياء في لينٍ ولين. والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا. وإذا كان ردف القافية ألفا لم يجز أن يشركها غيرها من الحروف مثل قوله: " أقلى اللوم عاذل والعتابا " وإذا كان ردف القافية واوًا مفتوحًا ما قبلها ثم جاءت واو مضموم ما قبلها فهو عيب يسمى سنادًا. وإذا كان ردف القافية ياءً مفتوحًا ما قبلها ثم جاءت ياء مكسور ما قبلها فهو سناد أيضا، وبأي الحالين بدئ في القصيدة ثم خولف فهو سناد. وإذا جاءت الواو المفتوح ما قبلها مع الياء المفتوح ما قبلها فليس بسنادٍ ولا عيبٍ، وكذلك الواو المضموم ما قبلها مع الياء المكسور ما قبلها.
والروى: يكون من أي حروف المعجم جعل.
والوصل: هو الحرف الذي بعد حرف الروى، وهو أحد أربعة أحرف. الواو، والياء، والألف، والهاء، فالواو في مثل قول زهير:
إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنى ... أصبت حليما أو أصابك جاهل
والألف في مثل قول سحيم: عميرة ودع عن تجهزت غازيا والياء في مثل قول النابغة: كلينى لهمٍ يا أميمة ناصب والهاء مثل قول زهير: صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله والهاء تكون ساكنة مرة ومتحركة أخرى. فالساكنة قد مضى ذكرها، والمتحركة في مثل قول أمية:
يوشك من فر من منبته ... في بعض غراته يوافقها
والوصل إنما يكون في الشعر المطلق دون المقيد. والإطلاق حركة الروى. والخروج واو، أو ياء، أو ألف، يكن بعد هاء الوصل المتحركة؛ فالواو كقوله:
وماء لا أنيس به ... مطحلبةٍ جوانبه
وردت وليله داج ... وقد غارت كواكبه
والياء كقوله:
نحن ضربناكم على تأويله ... كما ضربنا كم على تنزيله
والألف كقوله: عرف الديار توهما فاعتادها رس التأسيس: هو الفتحة التي قبل ألفه. ورس الأنيس: هو البئر، والمعدن. وكل بئر: رس الإشباع: ذكره الأخفش ولم يذكره الخليل، وهو حركة ما قبل حرف الروى في الشعر المطلق المؤسس، مثل كسرة الصاد في قوله: كلينى لهمٍ يا أميمة ناصب والتوجيه: حركة ما قبل حرف الروى في الشعر المقيد، مثل قوله: وقاتم الأعماق خاوى المخترق وإذا اختلفت هذه الحركة فهو عيب ينسب إلى السناد عند الخليل، وليس بعيبٍ عند الأخفش.
والحذو: الحركة التي تكون قبل الردف وهي ضمة، أو فتحة، أو كسرة، مثل قوله:
تراه كالثغام يعل مسكًا ... يسوء الفاليات إذا فلينى
فتحة اللام في فلينى هي الحذو. وكذلك الضمة في قوله:
إن تشرب اليوم بحوض مكسور ... فرب حوض لك ملآن السور
مدورٍ تدوير عش العصفور فالضمة التي قبل الواو حذو. وكذلك الكسرة التي قبل الياء في قوله: عاذل قد أو لعت بالترقيش فإذا كان الحذو ضمة، وقعت بعده واو لا غير. وإذا كان كسرة وقعت بعده ياء لا غير. وإذا كان فتحة وقعت بعده الألف، والياء، والواو. كقولك: هان، إذا كان في قافية، وكذلك هون، وهين.
والمجرى: حركة حرف الروي. وإنما يكون ذلك في الشعر المطلق. ويكون ضمة، أو فتحة، أو كسرة.
والنفاذ: حركة هاء الوصل. وتكون فتحة، أو ضمة، أو كسرة، فالفتحة كقوله: رحلت سمية غدوةً أجمالها والضمة كقوله:
وبلدٍ عاميةٍ أعماؤه ... كأن لون أرضه سماؤه
والكسرة كقوله تجرد المجنون من كسائه.
1 / 11