ومع ذلك يتجه على طرده بنحو قال موسى وقال فرعون وقال نسوة فإنها تشتمل على نسب أو أحكام شرعية متعلقة بفعل المكلف ابتدأ ولا مدفع له إلا بأن يفسر الموصولة أو الكيفية بمطلق الاحكام أو يراد بالشرعية ما من شأنها أن تكون مأخوذة من الشارع من حيث كونه شارعا كما هو الظاهر ونمنع تحقق الحيثية في المذكورات فيندفع نقوض المذكورة وكذا يندفع النقض بمسألة الجبر و الاختيار نعم يبقى الاشكال على عكسه بخروج كثير من الأحكام الوضعية التي لا تعلق لها أولا بكيفية العمل عنه كمباحث النجاسات و المطهرات والمواريث فإن قولهم كذا وكذا نجس أو مطهر أو يرث كذا من كذا أحكام وضعية لا تعلق لها بالعمل ابتدأ بل بواسطة أحكام أخر وعلى طرده بدخول مباحث أصل البراءة وأصل الإباحة فيه ويمكن دفع الأخير بأن المراد تعلقه به تعلق المسائل بموضوعاتها وليس للمسألتين المذكورتين تعلق بالعمل كذلك وفيه تعسف ومع ذلك يبقى الاشكال بمثل مسألة التأسي وينبغي أن يراد بالعمل ما يتناول العمل الوجودي والعدمي ليدخل فيه مثل وجوب الترك أو استحبابه أو حرمته أو كراهته أو إباحته وإن دخلت فيه باعتبار حرمة الفعل أو كراهته حيث يستلزم أو وجوبه أو استحبابه أو إباحته أيضا وكذا مثل شرطية الترك أو مانعيته وإن دخلت باعتبار اللازم من مانعية الفعل وشرطيته ثم إن أريد به ما يختص صدوره بالجوارح انتقض عكس الحد بمباحث النية وإن أريد به ما يتناول عمل القلب انتقض طرده بالأحكام التكليفية الأصولية والأدلة جمع دليل وهو في اللغة المرشد وعرف في الاصطلاح بما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مجهول خبري فباعتبار الامكان دخل فيه الأدلة المتعددة والذي لم ينظر فيه فإنها تتصف بإمكان التوصل وإن لم يقع وينبغي أن يراد به الامكان العادي ليخرج الأدلة المسبوقة بالضرورة فإنها لا تسمى دليلا اصطلاحا والنظر ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول وقد يعرف بأنه ملاحظة المعقول للتأدي إلى مجهول وهو أولى إن جوزنا التعريف بالمفرد كالخاصة وحدها والمراد بالنظر فيه ما يعم النظر في نفسه وصفاته و أحواله فدخل المفرد كالعالم والمركب إذا أخذ بدون الترتيب و يخرج عنه المقدمات المرتبة إذا اعتبرت مرتبة لاستحالة النظر فيها و المراد بصحيحه ما اشتمل على شرائط المادة والصورة وقيد به لعدم العبرة بالنظر الفاسد وإن حصل التوصل به اتفاقا وخرج بالمجهول الخبري الموصل إلى مجهول تصوري فإنه لا يسمى دليلا بل معرفا وهذا التعريف لا يتناول الامارة وبعضهم أخرجها بقوله إلى العلم بالمجهول وكيف كان فالمراد بها هنا الأدلة الأربعة من الكتاب والسنة والاجماع والعقل واعتبارها أدلة صحيحة بالاصطلاحين لان المراد بالمدلول عليه الاحكام في الجملة ظاهرية كانت أو واقعية وربما أمكن تخصيصها على الأول بالثاني لكن يكون الوصف حينئذ باعتبار الغالب فإنها قد لا تقيد الاعتقاد بالواقع أصلا ثم هذا الحد أوفق بالمقام من تحديد بعضهم كالعلامة له بما يفيد معرفة العلم بشئ آخر إيجابا أو سلبا فإنه بظاهره إنما ينطبق على المقدمات المرتبة لظهور أن ما عداها لا يفيد العلم وهذا لا ينطبق على موضوع هذا العلم لأنه عبارة عن نفس المفردات كيف وجملة من طرق النظر فيها إنما يعرف في هذا العلم فلا يمكن اعتبارها فيه نعم ما ذكره معنى آخر للدليل مباين لما ذكرناه وهو المعنى الشائع في غير المقام مع أن قوله إيجابا أو سلبا احتراز عن المعرف ولا حاجة إليه لخروجه بقيد العلم فإن المفهوم منه التصديق وهو لا يستفاد إلا من التصديق على أن هذا الحد بإطلاقه يتناول الدليل الفاسد فإنه قد يفيد العلم بشئ آخر والظاهر أنه لا يسمى دليلا في الاصطلاح إلا مجازا وأيضا لا يتناول الأدلة المتعددة إلا أن يتعسف بحمل الإفادة فيه على ما يتناول شأنية الإفادة إذا تقرر هذا فنقول العلم جنس إن فسر بالملكة على ما نراه من أن الملكات كيفيات مختلفة بالنوع و الحقيقة لا بمجرد النسبة والإضافة أو فسر بالادراك وقلنا بأن حقائق العلوم تابعة لحقائق معلوماتها كما يراه و بعضهم وبمنزلة الجنس أيضا إن فسر بالتصديق مطلقا أو بالادراك إن جعلنا التصور والتصديق من أصنافه لأنهما حينئذ نوع لما يندرج تحتهما من العلوم والادراكات المختلفة باختلاف أقسام المعلومات وتلك العلوم أصناف بالنسبة إليه وإن كانا جنسا بالنسبة إلى ما يندرج تحتهما من المراتب المختلفة بالشدة والضعف على ما هو التحقيق في كل عرض يكون كذلك ويخرج بتقييده بالأحكام العلم بالذوات والصفات على ما ذكره جماعة وهو بظاهره يقتضي حمل الاحكام على النسب وقد صرح به بعضهم فيكون المراد بالعلم الادراك دون الملكة لما مر من أنه لا يتم حينئذ إلا بتكلف ودون التصديق لان التصديق لا يتعلق بغير النسبة فيكون قيد الاحكام على تقديره توضيحيا ولو أريد بالأحكام المسائل أو مطلق الاحكام بالاعتبار المتقدم أمكن توجيه الاحتراز بها عن الصفات بأخذها مجردة عن النسبة لكن لا يلائمها الاقتصار عليها في الاحتراز لخروج العلم بالنسبة على الأول والعلم بما عداه مطلق الاحكام على الثاني ومن أردف الصفات بالافعال فقد أراد بها ما يغايرها ويجوز أن يحمل الاحكام على التصديقات أيضا فيتعين حمل العلم على الملكة كما عرفت ويتوقف صحة الاحتراز المذكور بظاهره على تفسيرها بمجرد التهيؤ والاستعداد وينبغي حينئذ أن تؤخذ الصفات منتسبة كما يرشد إليه تمثيل بعضهم ويعتبر الاحتراز بالنسبة إلى الامرين لتحقق الاحتراز عن النسبة أيضا حيث إنها تخرج بالتقييد بها أيضا و الوجه في عدم ذكرها مستقلا عدم كونها مستقلة بالعلم والادراك ثم إن فسر العلم بالملكة كان التقييد بالأحكام مطلقا احترازا عن ملكة غيرها وإن فسرت
مخ ۴