284

فصول فی اصول

الفصول في الأصول

خپرندوی

وزارة الأوقاف الكويتية

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

۱۴۱۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

الكويت

ژانرونه

اصول فقه
بِالْمُرَادِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨] وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَالصُّمِّ الْبُكْمِ الْعُمْيِ فِي عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِمَا سَمِعُوا وَأَبْصَرُوا وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَإِنَّك شَمْسٌ وَالْمُلُوكُ كَوَاكِبُ ... إذَا طَلَعَتْ لَمْ يَبْدُ مِنْهُنَّ كَوْكَبُ
يَعْنِي أَنَّك كَالشَّمْسِ.
وَقَالَ آخَرُ:
وَكُنَّا حَسَبْنَا كُلَّ أَسْوَدَ تَمْرَةً ... لَيَالِيَ لَاقَيْنَا جُذَامَ وَحِمْيَرَا
فَلَمَّا قَرَعْنَا النَّبْعَ بِالنَّبْعِ بَعْضَهُ ... بِبَعْضٍ أَبَتْ عِيدَانُهُ أَنْ تَكَسَّرَا
سَقَيْنَاهُمْ كَأْسًا سَقَوْنَا بِمِثْلِهِ ... وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْمَوْتِ أَصْبَرَا
فَقَالَ كُنَّا حَسَبْنَا كُلَّ أَسْوَدَ تَمْرَةً فَهُمْ مَا حَسِبُوا كُلَّ أَسْوَدَ تَمْرَةً قَطُّ.
وَالْمَعْنَى مَعَ ذَلِكَ صَحِيحٌ لِأَنَّ مُرَادَهُ وَكُنَّا كَمَنْ حَسِبَ كُلَّ أَسْوَدَ تَمْرَةً فِي إقْدَامِنَا عَلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ (وَ) طَمِعْنَا فِيهِمْ وَاسْتِهَانَتُنَا بِأَمْرِهِمْ ثُمَّ قَالَ قَرَعْنَا النَّبْعَ بِالنَّبْعِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْرَعُوا النَّبْعَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ ذَلِكَ قَطُّ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّا لَمَّا قَارَعْنَاهُمْ وَجَالَدْنَاهُمْ ثَبَتُوا لَنَا تَشْبِيهًا بَعِيدَانِ النَّبْعِ إذَا قُرِعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَا تَنْكَسِرُ لِصَلَابَتِهَا ثُمَّ قَالَ سَقَيْنَاهُمْ كَأْسًا سَقَوْنَا بِمِثْلِهِ وَمَا كَانَ هُنَاكَ كَأْسٌ وَلَا سَقْيٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ قَتَلْنَا مِنْهُمْ وَقَتَلُوا مِنَّا وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْمَوْتِ أَصْبَرَا يَعْنِي أَجْرَأَ مِنَّا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ [البقرة: ١٧٥] يَعْنِي فَمَا أَجْرَأَهُمْ لِأَنَّهُ لَا صَبْرَ لِأَحَدٍ عَلَى عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَذَكَرَ

1 / 364