وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مَا نُصَّ عَلَيْهِ بِاسْمِهِ. وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأُمِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] وَأَنَّ قَطْعَ السَّارِقِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [المائدة: ٣٨] وَكَذَلِكَ جَلْدُ الزَّانِي، وَإِيجَابُ الْقِصَاصِ عَلَى قَاتِلِ الْعَمْدِ. وَكُلٌّ إنَّمَا نَصَّ عَلَى حُكْمِهِ بِعُمُومِ لَفْظٍ يَنْتَظِمُ مَا شَمَلَهُ الِاسْمُ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ إلَى عَيْنٍ مَخْصُوصَةٍ، وَلَيْسَ جَوَازُ دُخُولِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى لَفْظِ الْعُمُومِ وَجَوَازُ تَخْصِيصِهِ بِمَانِعٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ نَصًّا إذَا لَمْ تَقُمْ دَلَالَةُ التَّخْصِيصِ. كَمَا أَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الْعَشَرَةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ بِذِكْرِ الْعَشَرَةِ مَعَ جَوَازِ دُخُولِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ إدْخَالُ الشَّرْطِ عَلَيْهِ وَتَعْلِيقُهُ بِحَالٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ نَصًّا إذَا عَرِيَ مِنْ شَرْطٍ أَوْ ذِكْرِ حَالٍ.
وَالنَّصُّ فِي اللُّغَةِ: هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي إظْهَارِ الشَّيْءِ وَإِبَانَتِهِ. فَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: نَصَصْت الْحَدِيثَ إلَى فُلَانٍ، بِمَعْنَى أَنِّي أَظَهَرْتُ أَصْلَهُ. وَمَخْرَجَهُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
أَنُصُّ الْحَدِيثَ إلَى أَهْلِهِ ... فَإِنَّ الْأَمَانَةَ فِي نَصِّهِ
وَمِنْهُ نَصَصْت الدَّابَّةُ فِي السَّيْرِ إذَا أَظْهَرْت أَقْصَى مَا عِنْدَهَا.
1 / 60