غَيْرُ مُرَادٍ، وَقَالَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا الْمُرَادُ اللَّمْسُ بِالْيَدِ دُونَ الْجِمَاعِ، فَكَانَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَا يَرَيَانِ لِلْجُنُبِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فَحَصَلَ مِنْ اتِّفَاقِهِمْ انْتِفَاءُ إرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُجِيزُونَ إرَادَةَ الْمَعْنَيَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي بَيَّنَّاهُ.
[فَصْل الظَّوَاهِر الَّتِي يَقْضِي عَلَيْهَا دَلَالَةُ الْحَالِ فَيَنْقُلُ حُكْمه إلَى ضِدِّ مُوجَبِ لَفْظِهِ]
فَصْلٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ الظَّوَاهِرِ مَا يَقْضِي عَلَيْهِ دَلَالَةُ الْحَالِ فَيَنْقُلُ حُكْمَهُ إلَى ضِدِّ مُوجَبِ لَفْظِهِ فِي حَقِيقَةِ اللُّغَةِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ [فصلت: ٤٠] ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: ٢٩] ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنْ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ﴾ [الإسراء: ٦٤] وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَلَوْ وَرَدَ هَذَا الْخِطَابُ مُبْتَدِئًا عَارِيًّا عَنْ دَلَالَةِ الْحَالِ لَكَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي إبَاحَةَ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَعِيدٌ وَزَجْرٌ بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ حُكْمُ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ الْعَارِي عَنْ دَلَالَةِ الْحَالِ.
1 / 50