النيابي للناس في أيامنا، فكانوا يجتمعون فيها كلما دهمهم أمر أو عرض لهم ما يحتاج إلى المشاورة، وكانوا يعقدون فيها العقود، فلا يتزوج أحد إلا فيها. وكان موضع دار الندوة مكان سُدّة المؤذّنين التي كانت من طرف المَطاف من جهة الشمال.
فبنوا البيوت حول الكعبة من جهاتها الأربع، وتركوا حولها رَحْبة للطواف تقدَّر بمقدار المَطاف القديم قبل توسعته، وجعلوا أبواب بيوتهم من جهة الكعبة، وجعلوا بين كل بيتين طريقًا ينفذون منه إلى البيت الحرام. وبقي كذلك حتى جاء عمر، فجعل هذه الساحة مسجدًا وجعل لها سورًا بمقدار قامة الإنسان.
فتبيّن من ذلك أن الذي أسّس مدينة مكة هو قُصَي.
* * *
ومن الطرائف التي وجدتها وأنا أنظر في الكتب أن باب إبراهيم المعروف الآن، وهو بقرب باب الحَزْوَرَة، ليس منسوبًا إلى سيدنا إبراهيم كما يظن الناس، بل هو منسوب إلى خياط معمَّر كبير السن اسمه إبراهيم، كان يجلس عند هذا الباب فنُسب إليه وخلد اسمه واشتهر.
فليست الشهرة مقياسًا للعظمة، بل ربما اشتهر من لا يستحق الشهرة وربما نُسي من كان مستحقًا لخلود الذكر.
* * *
وروى السيوطي نقلًا عن أبي شامة أن أهل المدينة المنوَّرة أحسّوا ليلة الأربعاء ٣ جمادى الآخرة سنة ٦٥٤هـ بزلزلة عظيمة
1 / 33