276

فصلونه په ثقافت او ادب کې

فصول في الثقافة والأدب

خپرندوی

دار المنارة للنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

د خپرونکي ځای

جدة - المملكة العربية السعودية

ژانرونه

ثم إن عندنا «العلم» الذي يقابل «الفنّ»، ومن هنا قلنا «علم الكيمياء» و«علم النحو»، وقلنا «فنّ التصوير» و«فنّ الإنشاء».
والعلم يمتاز من الفنّ بالغاية وبالوسيلة وبالأداة. فالعلم غايته الحقيقة والفنُّ غايته الجمال، والعلم وسيلته المحاكمة والفنّ وسيلته الشعور، والعلم أداته العقل والفنّ أداته العاطفة أو القلب كما يقولون. ومما يلاحَظ أن الأمم كلها قديمها وحديثها تخصّ القلبَ بالعاطفة والعقلَ بالفكر، ولعلّ منشأ ذلك أن الإنسان الأول كان يجد أنه إذا فكّر أصابه الصداع وإذا رأى الجمال أو هاج به الغرام أحسّ الخفقان، فظنّ أن هذا من ذاك وأن الفكرَ بالعقل والعاطفةَ بالقلب. على أنه إذا أُطلق القلب في القرآن أريدَ به مُطلَق اللبّ، لا هذا القلب المادي الذي يضخّ الدم، فكأن المُراد بالقلب في القرآن الفكر والشعور ولو خصّه بأنه الذي في الصدور، والله أعلم.
ومن العلماء المحدَثين مَن يضيّق دائرة العلم حتى لا تتّسع إلاّ للعلوم التجريبية، وليس ذلك بمسلَّم لهم.
وكان علماؤنا يفرّقون بين العلم والأدب، فالعلم تخصُّصٌ وتعمُّق في علم واحد، والأدب أخذٌ من كل شيء بطرف؛ فكان معنى كلمة «الأديب» قديمًا كمعنى كلمة «المثقَّف فكريًا» الآن.
وقد جعل الصوفية العلم عِلمَين: علم الظاهر وعلم الباطن، فجاؤوا فيما سمّوه بعلم الباطن بطامّات وبلايا يُنكِرها العقل ويردّها النقل.
* * *

1 / 286