لها عن الحقيقة (ومن القائلين بذلك أعلام الملة وكبار علماء المسلمين)، ويجعل ذلك أكبر همه ورأس دعوته، يفاجئ به التلميذ الذي لم يعرف بعد ما أركان الإسلام وما شروط الصلاة.
وآخر يجعل أكبر همه ورأس دعوته نفي ذلك كله وتأويل الآيات الواردة فيه، ويبالغ في تحكيم عقله البشري في هذه المسائل الإلهية التي لا تتبع قوانين أرضنا وأحكام عالمنا، حتى ينكر الرؤية يوم القيامة، ويجعل العرش والكرسي مجازًا لا حقيقة، فعرشه وكرسيّه ﵎ هما مُلكه؛ كما نقول نحن اليوم (ولله المثل الأعلى): "كانت الهند تحت العرش البريطاني"، أو نقول: "إن كرسيّ المملكة العراقية يشمل إربل والبصرة".
وثالث يرى الإسلام في محاربة الصوفية صحيحها وباطلها، وينفِّر من قراءة كتبها وصحبة أهلها، مَن كان منهم قبل «الرسالة القشيرية» ممّن أخذ تصوَّفه من أصول الإسلام، ومن جاء بعدُ ممّن أخذ (على الغالب) من غير ينابيع الإسلام.
ورابع قائم لهذا بالمرصاد، عامل على الدعوة إلى الصوفية معتقد بكل ما جاء به أهلها، حتى القائلين منهم بوحدة الوجود وخلط العبيد بالمعبود، كالحلاج وابن عربي وابن سبعين والعفيف التلمساني، ويرى أن للدين ظاهرًا وباطنًا، فالظاهر الشريعة والباطن الحقيقة، الأول ما يدل عليه الكتاب والسنة بوضعهما اللغوي ومدلولهما المجازي والاصطلاحي وما فهم العرب منهما، والثاني ما يذهب إليه القوم بتأويلاتهم وتفسيراتهم
1 / 82