عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه. وهو يقصد طبعًا الاختلاف في الأمور الاجتهادية التي يسوغ الشرع الاختلاف في مثلها توسعة على الناس، أما الأمور التي تمسّ أصل العقيدة، أو يكون فيها تحليل حرام متفَق على حرمته، أو تخالف ما أجمع عليه المسلمون وعُلِم من الدين بالضرورة، فهذه لا يمكن التساهل فيها.
وهم جميعًا متفقون على وجوب محاربة الإلحاد، من أي فم خرج ومن أي طريق جاء. وهم متفقون على وجوب مكافحة الفواحش في أي بلد كانت ومن أي من الناس صدرت. وهم متفقون على وجوب إقامة الفرائض، ونشر الفضيلة، ومطاردة الفساد، والترغيب في الجهاد لإنقاذ قبلة المسلمين الأولى.
فليتفق العلماء إذن على قصر جهودهم كلها على هذه المسائل ويتعاونوا جميعًا عليها، وليؤجّلوا البحث في المسائل الخلافية التي تفرق الجَمع وتشتّت الشمل وتشغلنا بأنفسنا عن عدونا.
* * *
إن أمامنا معركة هي معركة كفر وإيمان، فلنوفر قوانا كلها لها، ولا نجعل بأسنا بيننا، ولا نشتغل عن المعركة الأصلية بمسائل فرعية لا يضرّ الاختلاف فيها.
والغريب أن هذا الكلام -على وضوحه وصحّته- يحتاج كما يظهر إلى زمن طويل وجهد كبير حتى يقتنع به الدعاة ويجعلوه واقعًا.
* * *
1 / 64