أغلى السيارات، لو أنهم لبثوا في هذا القصر شهرًا لا يخرجون منه لملّوا منه واشتهوا أن يذهبوا يومًا إلى سفح الجبل أو ساحل البحر، يمشون على أرجلهم ويقعدون على التراب ويشعلون الفحم ويشوون عليه اللحم ويأكلونه بأيديهم.
وإن من أكبر العوامل في فتور العواطف الزوجية وركود أذهان الأولاد وضعف أجسامهم هذه الحياة الرتيبة المتشابهة؛ ولذلك أقترح -جادًّا- أن تترك الأسرة دارها وتذهب مرة في الشهر أو الشهرين فتتغدى في المطعم، أو تذهب في الصيف فتقضي ليالي تحت الخيام، أو تبدل ترتيب الدار فتجعل غرفة الاستقبال للقعود وغرفة القعود للاستقبال، وتغيّر وضع الأثاث، لا كل أسبوعين أو ثلاثة بل مرة في السنة والسنتين.
والقصد من هذا كله أن يجد الرجل في الدار ما يغنيه عن ارتياد المقاهي وإغفال الأسرة، وأن تجد المرأة ما يغنيها عن الخروج في كل يوم لزيارة الصديقات وحضور الاستقبالات وإضاعة الأولاد، وأن يجد الأولاد في الدار ما يسلّيهم ويمتعهم ويمنعهم من اللعب في الطرقات ومصاحبة الأشرار ... على أن هذا كله لا قيمة له إن لم يكن بين الزوجين حب وتفاهم وتعاون حقيقي، فإن كان هذا الحب موجودًا وهذا التفاهم قائمًا كان البيت جنة، ولو أنه كان غرفتين مهدَّمتين ليس فيهما ماء ولا كهرباء. إن هذا الحب يجعل الغرفتين المهدَّمتين قصرًا عظيمًا، وفَقد الحب والتفاهم بين الزوجين والشِّقاق الدائم بينهما يجعل القصر العظيم جحيمًا مُستَعِرًا وسجنًا مطبقًا.
على أن لا يكون في ذلك كله ما يغضب الله ولا ما يحرّمه