وَمِمَّا يجْرِي مَعَ الِاسْتِدْلَال الْقيَاس
الْفرق بَين الْقيَاس وَالِاجْتِهَاد أَن الْقيَاس حمل الشَّيْء على الشَّيْء فِي بعض أَحْكَامه لوجه وَقيل حمل الشَّيْء على الشَّيْء وإجراء حكمه عَلَيْهِ لشبه بَينهمَا عِنْد الْحَامِل وَقَالَ أَبُو هَاشم ﵀ على شَيْء وإجراء حكمه عَلَيْهِ وَذَلِكَ يسمون مَا يفدر بِهِ النِّعَال مقياسا أَيْضا وَلذَلِك لَا يسْتَعْمل الْقيَاس فِي شَيْء من غير اعْتِبَار لَهُ بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُقَال قست الشَّيْء بالشَّيْء وَلَا يُقَال لمن شبه شَيْئا بِشَيْء من غير أَن يحمل أَحدهمَا على الآخر وَيجْرِي حكمه
عَلَيْهِ قايس وَلَو جَازَ ذَلِك لجَاز أَن يُسمى الله تَعَالَى قايسا لتشبيهه الْكَافِر بِالْمَيتِ وَالْمُؤمن بالحي وَالْكفْر بالظلمة والأيمان بِالنورِ وَمن قَالَ الْقيَاس اسْتِخْرَاج الْحق من الْبَاطِل فقد أبعد لِأَن النُّصُوص قد يسْتَخْرج بهَا ذَلِك وَلَا يُسمى قِيَاسا وَمِثَال الْقيَاس قَوْلك إِذا كَانَ ظلم المحسن لَا يجوز من حَكِيم فعقوبة المحسن لَا تجوز مِنْهُ وَالْفُقَهَاء يَقُولُونَ هُوَ حمل الْفَرْع على الأَصْل لعِلَّة الحكم وَالِاجْتِهَاد مَوْضُوع فِي أصل اللُّغَة لبذل المجهود وَلِهَذَا يُقَال اجْتهد فِي حمل الْحجر إِذا بذل مجهوده فِيهِ وَلَا يُقَال اجتهدت فِي حمل النواة وَهُوَ عَن الْمُتَكَلِّمين مَا يَقْتَضِي غَلَبَة الظَّن فِي الْأَحْكَام الَّتِي كل مُجْتَهد فِيهَا مُصِيب وَلِهَذَا يَقُولُونَ قَالَ أهل الِاجْتِهَاد كَذَا وَقَالَ أهقل الْقيَاس كَذَا فيفرقون بَينهَا فعلى هَذَا الِاجْتِهَاد أَعم من الْقيَاس لِأَنَّهُ يحتوي على الْقيَاس وَغَيره وَقَالَ الْفُقَهَاء الِاجْتِهَاد بذل المجهود فِي تعرف حكم الْحَادِثَة من النَّص لَا بظاهرة وَلَا فحواه وَلذَلِك قَالَ معَاذ أجتهد رأبي فِي مَا لات أجد فِيهِ كتابا وَلَا سنة وَقَالَ الشَّافِعِي الِاجْتِهَاد وَالْقِيَاس وَاحِد وذكل أَن الِاجْتِهَاد عِنْده هُوَ أَن يُعلل أصلا وَيرد غَيره اليه بِهِ فَأَما الرَّأْي فَمَا أوصل اليه
1 / 78