لم تهتم ميلادي بالسيف، ولا بالفستان الممزق، ولا بعدم الاحتشام لكتفها العارية، بل انقضت على دارتانيان بخنجرها في ضراوة. ولم تتقهقر إلى الخلف إلا عندما شعرت بسن السيف الحادة فوق رقبتها. وحتى ذلك لم يفت في عضدها، فحاولت في ثورتها العمياء، أن تمسك السيف بيدها العارية لتنقض على غريمها، ولكنه خلص السيف، واحتفظ به مسلطا، إما على رقبتها وإما على عينيها.
وإذ استمرت توجه إليه الضربات، دون جدوى، صرخت تصب اللعنات في صوت مريع، يرعب أي رجل عادي.
كان كل هذا أشبه بمبارزة. وسرعان ما تمالك دارتانيان نفسه، فأجبر ميلادي على التراجع إلى خلف الحجرة ببطء، على حين سار هو في طريقه إلى الباب. كان كل هدفه أن يهرب، فتحسس خلفه بيده اليسرى، وأمسك بمقبض الباب فأداره، وركل الباب بعقب قدمه، فانفتح. وبقفزة واحدة، صار خارج الحجرة، وأغلق الباب خلفه بسرعة البرق، وأدار المفتاح في القفل.
أغمد دارتانيان سيفه، وأسرع يهبط السلم. ووقف لحظة في مدخل الباب الخارجي، ليلتقط أنفاسه ويمسح العرق المتصبب من جبينه. وعندئذ أمكنه أن يسمع صرخات ميلادي، وصوت الخنجر وهي تطعن به الباب المقفل، طعنات عمياء.
غادر دارتانيان البيت بعد ذلك، وانصرف بسرعة متجها شطر بيت آثوس.
دهش آثوس لهذه الزيارة المتأخرة من دارتانيان، الذي كان شاحب الوجه مهموما، فأمسك آثوس بيديه، وسأله: «ما الخطب؟ هل مات الملك؟ هل قتلت الكاردينال؟ هيا، هيا، أخبرني!»
قال دارتانيان: «استعد لصدمة، يا آثوس!»
قال آثوس، بعد أن قدم إليه كرسيا: «ما الخبر؟»
تردد دارتانيان لحظة، ثم همس بقوله: «ميلادي مطبوعة على كتفها علامة زهرة الزنبق.»
صاح آثوس بدهشة: «ماذا؟»
ناپیژندل شوی مخ