Foundations of Jurisprudence - Osama Suleiman
أصول الفقه - أسامة سليمان
ژانرونه
الفرق المخالفة في النسخ
انقسمت الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة في قضية النسخ إلى أقسام: أولًا: اليهود، فينكرون النسخ؛ لأن النسخ عندهم معناه: أن الله كان لا يعلم ثم علم، وهذه تسمى عقيدة البداء، وهي من عقائد الشيعة بطوائفها، وفيها اتهام لله ﷿ بالجهل، فيا من يقول: إنه لا فرق بين سني وشيعي! ويا من يردد بصوت مرتفع: مسلم سني ومسلم شيعي، وأرضه هي أرضه، ودينه هو دينه، إن هذا هو الجهل بعينه، فكيف تجمع بين أهل السنة والشيعة وتقول: إنهم سواء؟! وربنا يقول: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم:٣٥ - ٣٦]، إن هذا لا يقوله إلا رجل لا علم له بعقائد الشيعة، فهذه الشيعة الاثنى عشرية الإيرانية قد انقسمت إلى قسمين: زيدية، وإسماعيلية؛ لأن الشيعة تعتقد أن الولاية ينبغي أن تكون من سلالة الحسن بن علي الأكبر فالأكبر، فجاء دور الإمامة على إسماعيل فقالوا: لن نعطيها له وإنما سنعطيها لـ زيد! رغم أن زيدًا أصغر من إسماعيل، فسألوهم: لماذا ذلك؟ فقالوا: إن الله بدا له أن يغير هذا الحكم! فانقسموا إلى فريقين: إسماعيلية، وزيدية، والزيدية هي أعدل فرق الشيعة، ورغم ذلك يقولون بالبداء، فضلًا عن الرجعة والتقية ونكاح المتعة وتحريف بعض الآيات، وحدث ولا حرج في ذلك، ثم يأتي أحدهم فيقول: لا فرق بين الشيعة وأهل السنة! ونقول لهؤلاء الذين ينكرون النسخ: إن الله شرع وهو يعلم ما شرع، فشرّع أولًا لحكمة يعلمها، وشرّع ثانيًا لحكمة يعلمها، ولذلك يخفف عن العباد لحكمة، بل فوق ذلك.
فالنسخ موجود في شريعة اليهود، يقول تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾ [آل عمران:٩٣]، ولذلك يقول الله: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ [آل عمران:٥٠]، فهذا نسخ يحل ما حرم الله ﷿.
ثانيًا: الروافض، وهي فرقة من الشيعة، وسموا بالروافض لأنهم رفضوا خلافة أبي بكر وعمر ﵄؛ فرفضوا ما أجمع عليه الصحابة من أن الصديق له الخلافة بعد النبي ﷺ.
المهم أن الروافض على النقيض من اليهود، اليهود قالوا بعدم جواز النسخ، والروافض قالوا بالبداء، أي: أن الله كان لا يعلم ثم علم، فهذا معناه أنهم على النقيض من الفرقة الأولى، عكسها تمامًا.
ثالثًا: فريق ينتسب إلى أبي مسلم الأصفهاني من المعتزلة، وهم يقولون: بجواز النسخ عقلًا لا شرعًا، لذلك قالوا: بأنه لا نسخ في القرآن؛ ويقولون: إن الأحكام التي نسخت إنما هي على سبيل التخصيص وليس على سبيل النسخ.
4 / 5