فتنه کبری (بړخ لومړی): عثمان
الفتنة الكبرى (الجزء الأول): عثمان
ژانرونه
وقد نظر القدماء إلى جميع الأحداث التي كان فيها عيب عثمان والاختلاف عليه نظرة دينية خالصة، كما نظر إليها الذين عاصروا عثمان سواء منهم من خاصمه ومن ناصره؛ لأنهم كانوا ينظرون هذه النظرة الدينية إلى كل شيء من أمور الدين والدنيا جميعا. وهم من أجل ذلك تكلموا في الكفر والإيمان أكثر مما تكلموا في الخطأ والصواب وفي المنفعة والمضرة. وما دمنا نصور آراءهم فلننظر إلى هذه الأحداث نظرتهم، ولكن في شيء من التمييز مع ذلك بين هذه الأحداث.
فقد كان من هذه الأحداث ما يمس الشئون الدينية الخالصة، ويتصل بنص من نصوص القرآن أو أثر من سنة النبي. وكان منها ما يتصل بشئون السياسة التي يمكن أن يجتهد فيها الإمام فيخطئ ويصيب، وليس عليه في دينه بأس إن أخطأ ما دام مجتهدا، وله الفضل كل الفضل إن أصاب.
وكان من هذه الأحداث أيضا أشياء تتصل بالنظام الاجتماعي، فهي كذلك موضوع الاجتهاد يخطئ الإمام فيها ويصيب، وله العذر إن أخطأ، والفضل إن أصاب، والمقياس فيما يتصل بالسياسة والنظام الاجتماعي إنما هو العدل من جهة، ورضا كثرة المسلمين من جهة أخرى.
فلنبدأ من هذه الأحداث بما يتصل بالشئون الدينية الخالصة. فقد أنكر خصوم عثمان عليه أنه لم يكد يبدأ خلافته حتى عطل حدا من حدود الله وخالف عن نصوص القرآن خلافا خطيرا، وذلك حين عفا عن عبيد الله بن عمر، ولم يقتص منه للهرمزان وجفينة وبنت أبي لؤلؤة، فيما ذكر بعض الرواة. فقد كان الهرمزان أميرا فارسيا مسلما، وكان الآخران ذميين، والله قد عصم دماء المسلمين ودماء الذميين، وبين الحدود التي يجب أن تقام حين يعتدي أحد على بعض أولئك أو هؤلاء؛ فقال في سورة البقرة:
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم * ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون .
وقال في سورة النساء:
وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما * ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما . وقال في سورة المائدة:
من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون . وقال في سورة الإسراء:
ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا .
فالله قد بين في هذه الآيات كلها حدودا لا يجوز أن يتعداها المسلمون، وبعضها يتصل بالقتل عن عمد، وبعضها يتصل بالقتل عن خطأ. وليس من شك في أن عبيد الله لم يقتل الهرمزان وصاحبه أو صاحبيه خطأ، وإنما أراد ذلك وعمد إليه، ولو لم يؤخذ منه السيف لكان من الممكن أن يقتل قوما آخرين. فقال المعارضون لعثمان: إن إقامة الحد عليه واجبة بنص القرآن. وقال عثمان: قتل أبوه أمس وأقتله اليوم! ويقال إن المهاجرين أنفسهم قالوا ذلك لعثمان. والمهم هو أن عثمان عفا عن عبيد الله. وقد أجاب عثمان نفسه على اعتراض المعترضين يومئذ وفيهم علي بأن الهرمزان وصاحبه لا ولي لهما، وبأنه هو وليهما؛ لأن الإمام ولي من لا ولي له. والله قد أذن للولي في أن يعفو، وأثابه على هذا العفو. فقد عفا عثمان إذن عن إذن الله من جهة، وعن رعاية للمصلحة من جهة أخرى. وقد بينا فيما مضى أن عليا وغيره من المسلمين لم يقروا عثمان على هذا العفو، ولم يروا أنه يملكه.
ناپیژندل شوی مخ