فتنه لویه (بله برخه): علي او زامن یې
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرونه
صلى الله عليه وسلم
قد كانت محنة أيضا؛ لأنه كان يرى نفسه أحق بالخلافة، فامتحن بصرف الخلافة عنه إلى الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، وقد صبر على محنته تلك فأجمل الصبر، وأطاع الخلفاء الثلاثة فأحسن الطاعة، ونصح لهم فأبلغ في النصح، فلما ارتقى إلى الخلافة أو ارتقت الخلافة إليه لم يجن منها إلا شرا، وإلا شرا كان يزيد ويتضاعف كلما تتابعت أيامه في العراق، حتى كاد ينتهي به إلى اليأس، لولا أنه أجمل الصبر في العراق، كما أجمل الصبر في الحجاز.
فقد امتحن إذن أشد الامتحان وأعسره ثلاثين عاما من حياته، ثم انتهى آخر الأمر إلى أن قتل أثناء خروجه للصلاة، لم يقتله عبد أعجمي مأسور، وإنما قتله حر عربي عن ائتمار بينه وبين قوم مثله أحرار عرب، فميتته كانت أشق وأشنع من ميتة عمر.
ثم امتحن بنوه من بعده كما سترى، وامتحن أهل العراق بعد موته كما سترى أيضا، فأي غرابة في أن تقسو كل هذه المحن الجسام المتتابعة على أهل العراق ومن إليهم؟! فيرون في علي وبنيه غير ما يرى منهم سائر الناس، ويرفعونهم من أجل هذه المحن نفسها إلى هذه المكانة الممتازة التي رفعوهم إليها، ويغلو غلاتهم بعد ذلك، وبعد أن عرفوا من أمر اليهود والنصارى ما عرفوا، وبعد أن عرفوا كذلك من أمر الفرس ما عرفوا، فيضيفون إليه وإلى بنيه من خصال التقديس ما لا يضاف عادة إلى الناس، وخصومهم واقفون لهم بالمرصاد يحصون عليهم كل ما يقولون ويفعلون، ويضيفون إليهم أكثر مما قالوا وما فعلوا، ويحملون عليهم الأعاجيب من الأقوال والأفعال.
ثم يتقدم الزمان وتكثر المقالات ويذهب أصحاب المقالات في الجدال كل مذهب، فيزداد الأمر تعقدا وإشكالا، ثم تختلط الأمور بعد أن يبعد عهد الناس بالأحداث، ويتجاوز الجدال خاصة الناس إلى عامتهم، ويتجاوز الذين يحسنونه إلى الذين لا يحسنونه، ويخوض فيه الذين يعلمون والذين لا يعلمون، فيبلغ الأمر أقصى ما كان يمكن أن يبلغ من الإبهام والإظلام، وتصبح الأمة في فتنة عمياء لا يهتدي فيها إلى الحق إلا الأقلون.
والشيء الذي ليس فيه شك - فيما أعتقد - هو أن الشيعة - بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة - عند الفقهاء والمتكلمين ومؤرخي الفرق لم توجد في حياة علي وإنما وجدت بعد موته بزمن غير طويل.
وإنما كان معنى كلمة الشيعة أيام علي هو نفس معناها اللغوي القديم الذي جاء في القرآن في قول الله عز وجل من سورة القصص:
ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه
الآية. وفي قول الله عز وجل من سورة الصافات:
وإن من شيعته لإبراهيم
ناپیژندل شوی مخ